الاثنين، مايو 07، 2012

صخب الذكريات .



أين أذهب من ذكرياتي ، وتلك الصور الجميلة
التي تخترق جدار صمتي ، وحاجز غفوتي ، وتلك الهمسات
الرقيقة التي تضج في أعماقي ، وتتهدج في كياني ، وتلك الصور
التي تتهادى في سكون ليلي ، كشعاع البرق في ليلة ممطرة
يتخلل السحب ، ويضيء في جانب الضباب ، على خيط الأفق البعيد .

أين أتوارى من أصوات الذكريات التي تتزاحم في أرجائي لها حطيم كحطيم
اللهب في أجزاء جذع يابس ، لها أزيز في سكوني ، وضجيج في هدوئي
تجبرني على الإنصراف إليها وإن زعمت أنني سأتحاشاها ، أو أهرب منها

كلما هربت منها وتظاهرت جدلاً بأنني أشيح بخيالي عنها لا أجدني إلا قد غرقت
في بحرها ، أجدف بمجاديف الأحلام والآمال ، وأشعل في مشاعري نار الآهات
والتحسر .

تشتعل في داخلي كما تحترق الورقة البيضاء ، سرعان ما تغدو رماداً تذروه الرياح .
أين أذهب من ذلك الصخب الذي استولى على سكنات راحتي ، وأقض مضجعي
...
تحيط بي من كل مكان ، وأجدها في كل شيء من حياتي ، في القلم .. على الورقة
في فراشي .. وعلى وسادتي .. حتى في زادي وشرابي .. في ملبسي .. في مناسبات
الأعياد .. والأفراح .. والأحزان .. حتى في سير الأيام واهتزاز الاغصان .. وسامقات الأشجار
في صوت خرير النهر وجلبة السيل في الوادي وفي انتشار الضباب وهو يسح على الهضاب
ويعلو القمة ويكسوها كأنه عمامة شيخ جليل .

كلما صرفت ذاكرتي عن تلك الذكريات لا أكاد أصدق ذلك حتى أجدني في أعماقها ..
أكتب وأدون ، وأحاول التعبير عما يجيش في كياني من زحام وتراكمات من مرور الزمن
وتتابع الأيام ..
أجدني أقف على مشارف الطلل رغم بعدي عنه .. أجول في أنحائه بخيال كله حنين وأنين .
وأعيش فيه خيالاً كما عشت فيه حقيقة ذات يوم ولكن بشعور مختلف عن ذلك
بشعور يكسوه الوجد والفقد .. أعيش فيه وحيداً دون جزئي الآخر الذي طالما حلمت
بأنه سيكون ملتحماً بي يوماً .. ظلتُ أتابعه بجوارحي ، ومشاعري وأحاسيسي البريئة
عاكفاً على محراب تأمله وتذكره .

أخبروني بربكم أين أذهب من تلك الذكريات المحرقة .. وأين أكتم تلك التنهدات العنيفة
هل علي أن أموت كي أرتاح ؟
هل علي أن أعود طفلاً كي أكون بريئاً !
ما أجمل البراءة والطفولة .. ليتني أعود طفلاً لأعيش بنقاء طفولتي وأموت ببراءتي .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More