الثلاثاء، يونيو 07، 2011

عندما نشتاق



 عندما نشتاق
عندما نشتاق لا نشتاق لأنفسنا فنحن لا نشتاق إلى ذاتنا ، ولا إلى أجسادنا ولكننا نشتاق إلى أرواحنا ، وذاكرتنا ، وأحاسيسنا في فترة زمنية قد خلت ومشاعرنا التي مضت عليها الأيام ، وسجلتها في طيات صفحاتها ، ثم طوتهامع ما طوت من حياتنا وعمرنا . نشتاق إلى الذكريات ، ولعودة الذاكرة بأرواحنا وعقولنا إلى حقبة من الأيام مضت ألفنا فيها وسطرنا في الحياة مدوناتنا على صفحات الزمن دون الكتب والمجلدات فجعلنا منها ذكريات مليئة بالأوجاع والتأوهات ، والأنين ، ونبعث فيها روح الحنين والأشواق ، والأحزان ، والأفراح ، والسعادة ، والشقاء ، وطقوس من العيش والحياة مختلفة متباينة ، متغايرة . نشتاق إلى قراءة الماضي وسطور خطتها السنين على صفحاتنا ، ورسختها عقيدة الحياة في أعماقنا ، وتبعثها الأحداث في ذاكرتنا من جديد كل لحظة وحين . فنشتاق إلى الوقوف على ربى الأطلال ، نناجيها ، ونتحدث لها ومعها ، ونتحدث مع أنفسنا ، ثم ننصرف إلى مناجاة من أحببنا وهو في طيات الزمن مختبئ ، أو متخف ، طوعاً أو كرهاً ، فنستشعر الحديث مع كل ما يربطنا به في داخلنا يتغلل ويتخلل منا الذاكرة ، والعقل ، ويجوب الأعماق كألم يعتصرنا ، وأنفاس متسارعة تكاد تحطم ترجيعاتها أضلاعنا وتتلف قلوبنا .  فلا ندري ولا نستطيع أن نفسر تلك المشاعر ولا نتبين حقيقتها ، هل هي أحزان ، أو أشجان ، أو لذة نتلذذ  بها ، أو حياة تتكرر في حياتنا وزمن يعيد نفسه في خلدنا ، وإحساسنا .

نشتاق للقلم ، والحرف والكلمة ، نشتاق إلى الورقة وسطورها الخفيفة ، الشفافة التي تمثل بشفافيتها  تلك المشاعر السائدة في كياننا ، نشتاق إلى المعاني ، نشتاق إلى الكلمات التي تلامس فينا ما نريد أن تثيره تفاعلاتها وتأثيرها ومفعولها ، نشتاق إلى تلك الكلمات الكامنة في مخيلتنا لا تبرز ولا تظهر إلا عندما يلامس جسمها ما يثيرها ويبعثها فينا بنسيمها الرقيق العطر ، وهوائها الطلق العليل ، وعنفوانها . نحن إلى كل ما ارتبطنا به وارتبط بنا ، وعاصرنا وعاشرنا وعاصرناه وعاشرناه ، سواء من في الواقع أو الخيال ، أو لمسناه وعرفناه أو من خلال الأثير .
 
نشتاق إلى نظرة متأملة ، حزينة ، بريئة ، متفائلة ، منادية إلى طبقات السماء ، وفسحات الفضاء ، ومساحات الكون الشاسعة ، نتأمل أرواحنا فيها تلتقي ، تتناجى ، تنادي بعضها بعضاً في همس رهيب . وننتظر الليل يدنو إلينا ويكسونا بستاره لنخلو معه بأنفسنا ، ونستعيد في هدوئه وسكونه ما مضى في يومنا وشهرنا وسني عمرنا .
 
نشتاق إلى كل شيء قد مر في حياتنا ودلف إلى غياهب الماضي وتوارى في سنين العمر ، وطوته علينا الليالي  والأيام . مهما تعلمنا ألا نشتاق ، فلا بد أن نشتاق ، ومهما حاولنا جدلاً ألا نتذكر فنحن نتذكر عندما نريد ألا نتذكر إنها طريقة العقل الباطن يبعث في ظاهرنا ما كمن في الباطن .

2 التعليقات:

حروف تلامس الروح
رحله للأعماق
الايام والبشر وحتى الذكرى اصبحت تولم كثيراً
نحن لاندرك ماذا تصنع بنا الايام ولم نختر شيئاً لآنفسنا هي الاقدار ترسمنا وبئس الرسم احياناً
تدوينتك راقت لي بقدر الالم الذي يجتاحني الان
نحن لسنا بسيئون
لم نسيء للحياه لماذا تسيء لنا ؟!


عذراً للاطاله ...

لا ندري هل الحياة هي التي تسيء لنا أم نحن نسيء لها ، أم أننا لا نحسن التعامل معها ، أم أنها أقدار ولحظات كتبت علينا في الأزل .

أسعد تواجدكِ في طيات مدونتي ، وشكراً لك على هذه الكلمات الرائعة .
--------------
كم أشتاق إلى الـ(حنين ) .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More