الاثنين، ديسمبر 31، 2012

حديث الرمال .


كم أخاطبكِ في عتمة الليل ، وأسامر طيفك مع نجمة سهيل ، وأستنشق عطرك مع نسائم الندى .
أسافر عبر الذكريات إلى الماضي وأمتطي الخيال كي أقطع قفار الزمن ، لأستقر على أطلال عالمك
التي قد صارت مفاوزاً من الأوهام وصوراً باهتة من الأيام ، وأسواراً متهالكة من الأحلام .
أحياناً أتوق إلى الحرية والانطلاق في كل مكان .. أحلق كالطائر بجناحين من السرور بمساحات
الحرية ، وأعلو في طبقات السماء حتى أرى كل شيء وأحيط بالقمم ، وأتيه بين الغيوم وأرحل مع السحاب
أتوق إلى قطع القيود التي تكبل جسدي وكسر الأغلال التي توهن روحي وجَلَدي ، لأنطلق في الأرجاء
حراً طليقاً ، كطفل بري ء ترتسم على شفتيه مراسم الجذل والبراءة .
أقف على الكثبان وأتحدث إلى الرمال ، وأستنشق عبير الأزهار ، وأعطر به حياتي المنهارة .
ولكنني عندما أرنو إلى ذلك وأهفو إلى اتساع الآفاق ومساحات الأمل ، أجد أن تلك القيود والأغلال
من صنعكِ .. صنعتيها من كحل مقلتيك ، وحَوَر عينيك ، ثم أوضعتيها في فؤادي بسهميك ..
فأعود للعيش في أحضان طيفكِ وأعيد روحي من أجلكِ إلى قيودك وأغلالك .
عندما أعود لذكر التحرر منكِ .. أتذكر أنكِ قد قيدتيها علي وحرمتيها .. في ظهيرة يوم الجمعة قبل ربع
قرن .. ولا زلت من ذلك الزمن أقبع خلف قضبانك وردهات أزمانك .. لا أعرف عن الحرية سوى لفظها
وكتابتها .. كلمة جوفاء وحروفاً مبعثرة مفرغة من المعاني والدلالة ..
فهل تعين ما معنى ربع قرن ؟! إنها سنين توغلت في أتون الزمن ، وعمر كامل عشته مقيد حرية الفكر
والتفكير .. ليس في ذاكرتي سواكِ .. ولا في كلماتي إلا حروف اسمكِ ومعناكِ .. وليس في أخيلتي إلا هواكِ .
لا زالت أول نظرة أرسلتِ علي َّ بها سهامكِ ماثلة أمام ناظري .. ولوعتها تلتهب في أعماقي .. تظهر تارة وتخبو تارة أخرى ، كالبرق المتردد بين طيات عارض استحكم في السماء في غيهب الدجى فالتقى ظلام فوق ظلام .. يتهادى من بين طياته .. فيضفي على الليل وقاراً وجمالاً .. ويبعث في النفس أشجاناً .. وتأملات وآهات .. كلما أضاء أشرقت الآفاق وكلما خبا عادت إلى أتون الظلام ..
ولا زالت كلماتك الأولى يسري صداها في أودية الماضي وشعاب الزمن فيطرق أبواب سمعي كلما زحفت
عجلة العمر وأوغت الأيام في الماضي .. ولا زالت تلك الكلمات في أول قاموسي كأنها افتتاحية قصة
أو مقدمة دستور وتشريع لا يقبل الإلغاء أو التغيير .

 أجد وحيكِ في الخيال .. وهمسكِ في المنى والآمال .. وحديثكِ في شجيرات الكثبان وذرات الرمال ..
فصرت أهوى الخلوة والإبحار في لجج الخيال .. وأهيم في تلك الهمسات الخافتة ، وأعيش بالآمال
وأعشق الحديث إلى الكثبان والرمال . في الغابة أسمع همسكِ .. وفي الصحراء أنصت إلى وحيكِ ..

الخميس، نوفمبر 22، 2012

مناجاة على ضفاف الذكريات .


على ضفاف الذكريات استوقفني نداؤها الصامت صمت الأموات ، والهادئ هدوء الترقب والانتظار الطويل . 
تخاطبني الضفاف والنواحي كما تخاطب المقابر  الموتى  القابعين بين جدرانها ، وكأنني جثة هامدة ملقى على قارعة 
الأيام ، وبين ضجيج الذكريات . 
تفتح علي طرقات الماضي الجميل ، وتغلق علي أبواب المستقبل بأقفال الوجل والترقب وتغيب عن ذاكرتي لحظات الحاضر . 
وتجعل مرارة الماضي حلوة حتى تلك اللحظات التي رأيتها يوماً مرة وعسيرة ، وكرهت دقائقها وساعاتها ، حتى جعلتُ منها
أماني وتمنيات بأن تعود من جديد ، ولكن أنى ذلك وهيهات ، فقد باتت أماني مستحيلة . 
تستوقفني لحظات من الحاضر على أعتاب أطلال الماضي السحيق ، لتسحق كل ما تبقى من فتات من كياني المتهالك من 
عشرات السنين . 

أصغي على الضفاف لصوت خرير الأيام المتدفقة كالنهر ، تتتابع في جريانها بلا عودة ، لتنضب في صحراء الزمن ، وفلوات
الحياة ومفازات العمر ، تنتابني في تلك الجلسة كل المشاعر ، وتتتالى الأحاسيس بمرور شريط الماضي كومضات البرق الخاطف في ليل
عاصف يتخلل الغيوم في أطراف السماء البعيدة المظلمة . 
مشاعر جياشة تتصارع في داخلي وكأن اعماقي ساحة لمعركة حيامية الوطيس ، تقع ضربات سيوفها على أشلائي لتجعل منها
أشلاء أخرى متناثرة ، فتقتل روح الشباب والفتوة في ، فما تنتهي وقعتها إلا وقد أهلكت في كل القوى . 
وما يسكت صليلها إلا بعدما يترك ساحتي جثة هامدة . ثم رمت بي في قنطرة بين الماضي والمستقبل ، بعدما محت ملامح الحاضر
لأستيقظ في عالم جديد مختلف وقد كتبت من الذكريات ذكريات .

الاثنين، أكتوبر 29، 2012

الأحد، أكتوبر 28، 2012

ضبابة الشرق

اقرأ المزيد هنا ..

يا ضبابة الشرقِ سيري بهدوء ووقار ، كما السيل الكبير ينوء به الوادي ..
وينوء به ثقله ، ويا غيمة الضحى اقتربي من الأغصان ، ورشي رذاذك على ألوانها الزاهية ..
وبللي أوراق الشجر ، وانشري نسيمك العليل في الأرجاء
لتحيا به وتستنشق عبيره فتحيا وتحيا بها الأزهار .. والأوراق تخضر وتهتز فرحاً وصفاء .

ازحفي بهدوء وتخللي الأغصان اليافعة .. والأشجار الفارعة .
واملئي المكان بروحكِ وألوانك البيضاء الندية ..
واكسي القمم من عمامتك البيضاء الناصعة ..
وخيمي بصمت وقفي لتمنحي النفس أنفاساً ،
وتبعثي في الأعماق أشجاناً ، وتلهبي في الجوانح من الذكريات نيراناً .. لا تدعي الشمس تحرق الغصن ، ولا تتركي الأرض تنظر زرقة السماء .


دعيه يوماً قديماً وانكئي بصمتك جرحاً عميقاً ،
واقذفي روح الشباب في حنايا جسد بات من الصد كهلاً
وابعثي في النفس كل الذكريات كيفما كانت ، ومهما تكون .

أحرقي غصني ، وألهبي عاطفتي ... واحرقيها .. ثم احرقيها .. ثم احرقيها .. ثم انشريها كالأديم على صفيح الذكريات الساخن ..
ثم اقرعيها بمقاريع الحنين ، واصقليها بمطارق الأشواق والألم ..
ثم لفيها بين أثواب الشجن .. ثم ابعثيها إلى أعماقي بين الكفن .

املئي الوادي كعادتك في زمن الرخاء ، وغابر الزمن ، وابعثي في النفس آمالاً وغيّبي عني الذاكرة الحاضرة ، وأحضري لي كل ذكرياتي الغابرة واحبسيني في ذاك الزمن .. وارجعيني إلى الماضي وإلى رسم الدمن . 


واكتبي على جسدي كل آهاتي .. وآلامي .. وأحزاني ..
وأتراحي ..وأفراحي .. ودكيها بدقات قلبي العاني ..
واغسلي داخلي من أقذارالحاضر بالحنين لما مضى من الزمن ..

يا ضبابة الشرق المتسللة من أعماق الوادي .. اصعدي إلى الجبل .
واضربي أطنابكِ بين أطلالي .. وامكثي لتؤنسي روحي المتناثرة بين ذرات الدمن .


ورتلي على روحي آيات الوداع .. وأقحميها في جوانحي .. ثم اسجنيها بتعاويذ الحزن وامسحي من داخلي كلمات الأمل .. كي أموت وقد عاش قلبي قصة حب واطمأن . ثم ابعثي إلى فتاتي رسالة الموت .. وأخبريها أنني قد تواريت الثرى .. وتدثرت الكفن


بعد طول انتظار .. وأمل .. وحنين .. وألم ..
وكتبتها على صفحة القلب .. بل نقشتها في أعماقه ..
بدمي .. ودموعي .. ليس بالمداد والقلم .

الأربعاء، سبتمبر 26، 2012

أخبرني ليل تمشى في جانبيه نهار .





لست نداً للحزن ، بل أنا رفيقه ، بل هو رفيقي . جليسه وجليسي ، أناجي الغائبين من خلف جداره . وأتحدث إلى الأحبة من فوق أسواره ، وبيننا حجب من ضباب الأيام الغابرة .. العتيقة .. العتيدة .. العنيدة .. تمضي دون التفات ، وتركض دون إصغاء ، لا تلوي على الماضي ، ولا تكترث للحاضر ، ولا تهاب المستقبل .

عددتها على أصابعي الخمس ، ثم العشر ثم العشرين ، حتى لم أعد أجد أصابعاً أعد عليها ، فأشرت إلى الأشجار همساً أرصدها على قارعة الزمن السحيق ، حتى طال العد وتزاحمت الأرقام ، فأسقط في يدي والتوى على جسدي حبل الألم ، واعتلى كاهلي  حمل الملل ، فأعود لأقعد تحت أسوار الأيام أعيد العد وأبخسه حتى أعلل نفسي بوهم  الأمل الطويل ، بل المستحيل .

رسمت على جداري الزمني الواقف بصمود ، يعتريه جمود ، وهدوء الوجوم ، كأنه في انتظار أمر جلل ، لطخته بمداد بما يثعب من أعماقي من نزيف الجراح الغائرة الحائرة في عرصات كياني الهزيل ، المتهادي ، فتشكلت من ذلك المداد كلمات كنت أصد عنها يوماً وأكتمها خشية منها ، متوهماً بأنني إن ذكرتها سأثيرها ، وأنها لن تثور طالما تركتها وشأنها ، ولم أكن أعلم أنها قد دونت في قاموس ايامي القادمة ، وانطوت وطوت معها صفحة الأمل البيضاء التي كنت أنظر إليها كل يوم بل كل لحظة ، فما زالت تتهادى أمام ناظري ، وتتلاشى وتدرس رسومها وتتبعثر الحروف على سطورها كأنما كانت رتقاً فانفتقت . واسودت في عيني وضاعت معالمها ، فوعيت على رماد تذروه الرياح من وسط راحتي  فنفضت يدي فإذا بهما خاويتان . وتلاشى كل شيء وارتحل السامرون ، وانبلج نهار ، ثم أسدل الليل ستاره علي حتى أشرقت  خيوط الصباح في وسط الليل ، وجانبي الناصية ، فأخبرني ( ليل تمشى في جانبيه نهار ) .

الثلاثاء، سبتمبر 18، 2012

أريد أماً ... !!!

 تجدونها هنا ايضاً
سألني فجأة ، وعيناه تغرقان في الدموع ، وصدره له أزيز كالمرجل
يكاد يتميز من الشهيق ، ويلفظ أنفاسه من الزفير ،

فقال : قل لي بربك كيف صدر الأم ؟!
كيف دفؤها ؟!
كيف راحتيها وهل مررتهما على جسدك؟!
كيف هما هل هما ناعمتان ، هل هما دافئتان .. ما ذا رأيت فيهما وكيف شعرت بهما ؟!
قل لي رجاء لا تبخل علي : كيف حضنها ؟!
كيف حرارة جسدها هل احتواك يوماً ؟
هل أحاطتك بحجرها كيف تدفأ؟!
هل ضمتك بين متاعها ؟! ولفتك بين ملابسها حنواً عليك وخشية؟!
هل تتابعك ببصرها وأنت تلعب بين يديها ، تتحدث هناك وقلبها وأحاسيسها معك؟!
تبكي لترحكَ ألماً ، وتبكي لفرحك سروراً !!
تسهر جالسة عند رأسك وأنت تغط في نوم عميق ؟!
تمسح بيديها على جسدك كي تشعر بالأمان ثم تبحر في نومك الهادئ الهانئ ؟!

أخبرني عن الأم تحدث إلي بكل تفاصيلها وأحوالها ، ماهي هل هي إنسان هل هي مخلوق بشري
أو ملاك سماوي ، أو ماذا هل في داخلها قلب بقدر قبضة اليد أم مضغة بحجم السماوات والأرض .
هل هي جنة أم الجنة تحت قدميها ، وكيف تستطيع أن تضعك تحت قدميها في جنتها ؟!

ثم توقف قليلاً يجهش بالبكاء .. تكاد أضلاعه تخرج من بين جنبيه تقذف اللحم والدم كما تقذف المجانيق
كرات اللهب فتدمر الحصون وتهدم القلاع ..
ثم استجمع نفسه ولملمها وهو ينتفض كالغريق من البرد .. وقال بصوت خافت .. وهو ينظر إلى قدميه
أو حولهما : نظر المغشي عليه من الألم والحزن والأسى .. أريد أماً .. أريد أماً .. أريد أمــــ ثم غاصت عيناه
في بحر من الدموع ، فلما ضاقت بدمعه محاجر العينين فاض من بين رموشه كحبال من الحميم يتدفق يشوي
اللحم ويخط في المآقي ساقية جرت فيها دموع محرقة ..

فقلت له ولست بأفضل منه .. فقد تفاجأت بالحدث واستغرقت في التأمل وحاولت أن أرسم لقصته صورة
لأتبينها ، وطرأت على أفكاري كل الأمهات وبدون في قصص عجيبة مختلفة في مضمونها متوافقة في جوهرها
أم رؤوم وحنان عميق ، وأمومة طاغية كالصواعق المحرقة إذاما تعرض لها أحد ليشوهها أو ينال منها .

لماذا ؟ ! هل ماتت أمك ؟!
هل هي مطلقة ثم هجرتك أو ابتعدت عنك بغير إرادتها ؟!
أم ابتعدت عنك لأي سبب من الأسباب ؟!
فقال : لا ..!
فبقيت متحيراً قليلاً .. ثم استطردت في سؤاله .. إذن فأين أمك ولم تسأل عن الأم ؟!
فاكتفى بأن قال : إنها حية ترزق .. ولكنها لا تعيش معي أبي .. إنها تعيش وحدها .. وأستطيع أن ... ثم سكت .

ولبرهة يسيرة ثم قال : أريد أماً أشعر بها كلما ابتعدت وأينما ذهبت ، أشعر بروحها تتعقبني وتشدني
كلما تماديت في الذهاب ، وأمعنت في الرحيل ، وأطلت في الغياب ، تحتويني وأنا في أقصى الأرض
وهي في أقصاها ، أجدها بين جنبي وفي منامي أكلي وشربي ، وضعني ورحيلي ..
اراها في السماء ، وأسمعها في صوت الرعد ، وفي نسنسة الرياح ، وهبوب النسمة .
أسمعها تناديني وتحضني على الاعتناء بنفسي ، وتوجهني وتدللني .

أريد أماً أعبد الله بطاعتها ، وبرها ، وحبها ، وتنفيذ أمر فيها ، أريد أماً ارى في عينيها دموع الفرح إذا أتيت
إليها لا دموع غيرها .
أريد أماً أسمع في صوتها أزيز الرحمة وشآبيبها ..
أجد في جوارها الأمن والطمأنينة .. أشتاق إليها كلما ابتعدت عنها ..
أريد أماً تدعو لي وتستغفر لي ربي .. أخفض لها جناح الذل من الرحمة .. فترفع صوتها بالدعاء لي .

ثم نظر إلي بعينين ملؤهما الحزن والأسى .. قد جرف ما فيهما من بياض دمع حار فجعلهما كتلة من الدم
وعروقاً ممتلئة بالدماء تكاد تتفجر فتدمع دماً .. وقال :
لقد فقدت أمي وهي حية ترزق .
إنها لا تحبني ولا تحب أحداً من أبنائها .. تتعمد أن تجعلنا مذنبين ، عاقين نعصي الله فيها
تنظر إلينا بعينين ملؤهما الكره تكاد تعض علينا أناملها ..
لا تسمح لنا ببرها .. ولا تفتح قلبها لنا كي ندخله ونترفق بها ونطيع الله فيها ..
استعادت أمومتها تجاهنا ورمتها بل كبتتها بين أضلاعها ، وأعادتها إلى ثديها ، ودفنتها في صدرها
ثم تبدو لنا كأنها صحراء قاحلة .. أو بئر معطلة ..

نعم يا أخي أريد أماً فأنا بدون أم رغم أن أمي لا زالت حية ترزق .. ولكنها كالجنة الخاوية على عروشها
لا نبات فيها و ( لا ماء ولا مرعى وحمراء قحيلة .. خبوتها واسعة ) .
فوجمتُ من حديثه ورفقت بحاله وهدأت من روعه وقلت له هذه أمك ولابد من طاعة الله فيها
وبرها .. قلت له هكذا مع أنني لا أعرف عن الأم شيئاً .. فبدت قصتي مشابهة لقصته فشرحها عني .
----------------
خيال سرحت فيه رغماً عني وبحر سبحت فيه ولست بحاراً .
واقع ملموس وحياة تعج بالعجائب .
تقبلوا تحياتي .

الأحد، سبتمبر 16، 2012

حكايتنا سطور باهتة .


حكايتنا مع الأيام سطور تتوالى وتتتابع في سجلاتنا ، فنعود لإرشيف الزمن كلما افتقدنا منها شيئاً أو اشتقنا له ،  نتلذذ بتعذيب أرواحنا ، بجحيم الماضي وذكرياته حتى إذا أثخنت الجراح وتفاقم الألم في نواحينا نأخذ من نهر الحياة العذب ونرتشف منه ما يطفئ اللهيب الذي قد أشتعل في ساحاتنا .

كلما اشتقت إلى وجهك الجميل أبحث عن الليل وأشتاق إليه  لأكون على موعد مع البدر أو القمر عندما يعتلي صهوة السماء يمشي على استحياء ، فأنظر إليكِ في صفحته الجميلة ، فأشعر ببعض الهدوء ، والارتياح الممزوج بمرارة الفراق ، وحرارة الحنين ، وتعب الأنين . 

فأين تلك الليالي الملاح ، وأين منها الصباح ؟! 
ليل كنت أخشاه وأكرهه ، أيام اللقاء والوئام والصفاء ، وها أنا صرت أعشق وأهواه ، وأنتظره ليأتي لأخلو فيه مع نفسي أحدثها ، ثم أناجيكِ وأنت في غيابة الأيام ، تتوارين عني يوماً بعد يوم ، وتبتعدي عني كل يوم كالشمس تسير في السماء بروية حتى تتوارى في أفق الغروب ، وتعود على أهل الأرض بصبح جديد ، وإشراقة صافية جميلة ، ليتجدد لهم يوم آخر جديد ، أما أنت فكم كان أفق أفولك سحيق ، تسيرين فيه قدماً ، دون أمل في إشراقة جديدة تضيئي بها غياهباً تراكمت وأظلمت كل طرقاتي وسبلي .  

وتستمر الأيام في الرحيل ، وتستمري في السير معها في طريقها المجهول لتصبح حكايتنا سطور باهتة على أوراق مهترئة متناثرة .

الاثنين، سبتمبر 10، 2012

عاصفة على سراط السطور .


فتشتُ أوراقي وتسللت إلى سجلات الماضي ، وتنقلت بين خلجات حروفه
وردهات كلماته ، وعبرت على سراط سطوره ، أمسح بعبراتي غبار الزمن المتراكم
على رف العمر ، وأجلو بذكرياتي عجاج الأيام ، كالذي يستقبل طريقاً قد درست معالمه
بعدما كانت واضحة للمارة والمسافرين ، كأني أعبرها في سفر شاق ، حتى أخذ مني الجهد
ووعثاء السفر ، فمسحت من ذاكرتي ما علق من قدم الزمن بذكرياتي ، وجلست تحت ظل التأمل
والإبحار في لجج الأيام ، وغيوم المستقبل ، فلما وجدت نسمة مترقرقة على جسدي المنهك
الممتزجة ببرودة الظل ، ونفحات الهواء العليل ، غفوت على جهد وأخذتني سنة التعب والنصب
فتسللت إلى باطني ذكريات الزمن ، وعاد ضجيج الأيام ، وصخبها إلى ساحتي الهامدة ، الملقاة على
صفيح الذكرى الملتهب فلما تمكنت مني السنة وهمدت النفس وتراخى الجسد ، استيقظ في أعماقي
جوى ، وهبت رياح الذكريات فأزاحت عن الجراح ما كان قد غطاها من هباء النسيان المنثور ، ثم أتت على ما كان قد
التأم من الجراح فنكأتها ، فعادت تنزف من جديد ، وعاد الألم يعتصر الفؤاد ، ويشعل الجسد ، وينهك العقل
ويعتصر الذاكرة .

ربما أنها ذكريات أليمة ، ومواجع تنتفض مع كل لحظة ذكرى ، وحنين يتجدد مع كل إشراقة شمس

وطلوع كل بدر ، واكتمال الشهر ، إلا أنها كانت دواء لفؤادي ، وعزاء لمرادي ، ودار خاوية أهفو إليها لأستمع
إلى رياح الذكريات تخفق في أرجائها ، وتثير غبار الزمن من بين لبناتها ، فتهدأ نفسي لأن ذكراكِ هي
التي تثير كل تلك الطقوس في حياتي ، فأنت مصدر إلهامي ، وريشة قلمي ، وصفحتي الدائم بياضها مهما
كتبت عليها من حروف ، ودونت عليها من ذكريات ، بل تزيد نصاعة وبياضاً كلما نبع فيض من قلمي على سطورها
أنت قدري وأنت الظل اللصيق لبدني وأنت العاصفة في داخلي ، والعماد لعرشي ومملكتي وكيان

الأربعاء، أغسطس 29، 2012

همس الأطلال بين الحزنين والبتيل ..


بين الحزنين والبتيل نشأت قصة حب ارتسمت على رباهما أحداثها ، وامتدت بين أطلالهما حبالها ، وتغنت بكلماتها الأطيار على أغصان أشجارها ، وامتزجت بماء النهر الجاري عباراتها ، وهمست في أعماق المحبين أطلالها .

على ذلك التل الممتد بين أحضان واديين نهر يجري على يمينه ، وأعشاب وأزهار تنبت وتهتز على يساره ، تكسو جنبات وادينا بالخضرة وجنان غناء وظلال وارفة .

منذُ الصغر وأنا أنظر لهذين الموضعين نظرة الإجلال والإكبار ، يراودني شعور خفي تجاههما لم أدرِ ما كنهه ، ولا أعلم ما هو ، ولم أجد له تفسيراً حيناً من الدهر ، سوى ما يخالط شعوري من أحاسيس وانجذاب النفس إليهما .

كنتُ ولا زلت أنظر إليهما باحترام وإجلال ووقار ، وأشعر بأنهما يبادلاني الشعور أيضاً ، كأنما خلقتُ منهما ، أو كأنما نحن من نفس واحدة ، وكأن تربة جسدي قد قُبِضَتْ من ترابهما ، فكانت نفسي وروحي تشتاق وتتوق إليهما .

كلما أتيت من مكان بعيد وعدتُ أيمم بروحي وإحساسي ومشاعري نحوهما ، لألقي عليهما تحية الشوق واللقاء ، والبعد والحنين ، والألم والأنين ، والذكريات البعيدة على أطلال نسجتها رياح الجنوب والشمال .

عليهما هيبة ووقار وتاريخ عظيم ومستقبل سيسطر في صفحاتي لحظات جميلة ، ويدون على جدار قلبي الذكريات العميقة ، ويخلد في كياني السنوات العتيدة ، وينقش في أعماقي كل لحظات مرت وارتبطت بكل أجزاء حياتي .

وتمر الأيام ويبدأ العمر في التزايد ، وتقترب لحظات تفسير ما كان يدور ويعتلج في خاطري من شعور تجاه تلك الزوايا والنواحي ، وكأنها ذكريات تقدمت قبل أوانها والتي ظلتُ عاجزاً عن تفسير ومعرفة أسبابها منذ نعومة أظفاري ، وعشت في صغري أجهلها ، ولم تبرح كياني ولم تفارق ذاكرتي ، ولم تنطوي من صفحات ذكرياتي ، ولم تغادر تفكيري ، فإذا بي أصحو على وضح الأيام وهي تفسرها ، وكأنما غفوت لحظة فتسارع إلي منام عاجل مرت خلاله ذبذبات حلم جميل لأجد في الصباح تفسيره دون عناء السؤال وطلب التعبير .

تشكلت عليهما حياة لم أكن أتوقعها ، ولم يدرْ في خلدي بأن تلك التلة ستكون جزءً من حياتي يوماً رغم ما كان يختلط مع أفكاري ويعتلج بفكري ، ولم أكن أعلم بأن أصوات تلك العصافير التي كانت تتنقل من شجرة غلى شجرة ، ومن غصن إلى غصن ، والتي كنت أنصت إليها باهتمام ذات يوم دون أن أدرك تفسيراً لذلك رغم صوتها العذب ، ولحنها الشجي بأنها ستعزف أصوات السعادة ، واللقاء ، والحب والأشواق ، والحنين معاً ، وتشد أوتارها على جانبي حياتي ، وتستمر نغماتها تهتز في أعماقي ، ويعلو صداها في أرجائي

لم أكن أدركُ أنني سأكون جليساً تحت أغصان أشجارهما ، تظلني وتقيني الهجير ، وتحميني وتغسل جسدي بقطرات نداها التي جادت بها عليهما نسمة ليل عليلة .

زرعت فيهما قلباً وذروت على تلالهما نفساً ، ودرجتُ عليهما روحاً وخيالاً كأنما درجت عليهما طفلاً ! كيف لا وقد كانت نفسي الطفلة تعشقهما دون أن تدرك سر ذلك العشق البريء ، وكنت أحن إليهما كما يحن الطفل الرضيع إلى أحضان أمه الرؤوم !

كيف لا وقد كنتُ عندما ألقي ببصري إليهما يتبادر إلى ذاكرتي قصة حب خالد ألفها قيس بن ذريح وليلى العامرية ، ولم أكن أدرك معنى الحب ولم أدر ما هو ، حتى عرفت بعد مرور السنين بأن ذلك الوقار والمنظر المهيب والجلال عليهما كان يوحي إليَّ بحياة عشق وغرام ستنشأ عليهما وفراق سيتفجر على أطرافهما ، ثم خلود الذكريات على أطلالهما ، ثم ثرى أروع قصة حب ألفتها ونسجتُ خيوطها ، وجريمة قتل قلب بريء ، حيث لازال يدعوه ليواريه ثراهما .

مهما أطلت الحديث عنهما وبحثت عن الكلمات فداخلي حديث عظيم ، ومعان عميقة ، لا يمكن أن أحيط به أو أستطيع أن أصفه وأكتب عنه ، وشعور لجي - كبحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب - لا أستطيع اجتايز أمواجه العاتية سوى أنني قد بذرت من حياتي بذرة وقطعتها أجزاء ونثرتها على ذلك الثرى ، ودثرتها بأغصانها وأعشابها ، ووريتها بماء واديها ، وقطرات نداها ، وتركتها بين تلك الأطلال ، ولا زال الشوق يحدوني إليها والنفس متعلقة بها وستظل كذلك فلعل قصة الحب تعود من جديد أو يوارى جسدي عند الموت في ثراها .
فهناك من يعلم ذلك ويدركُ بأن من اجتر قلبي واهتصره من بين الحنايا والجوانح وألقاه بين تلك الربى والأطلال يهمس في حياتي ويلج همسه إلى فكري وأفكاري والتقى على أمر قد قدر همسه بهمس أطلال .
ولا زلت ألتقي بروحها على تلك الطرقات ، وأرسم صورها تتدرج على الربى في خيالي
فعودي إلي فاتنتي فلا زلت ألقاكِ في الطلل ، وروحي بروحكِ بين البتيل والحزن تنادي .
حصري وخاص .. وشجون هاجت في الحنايا ، حتى خرجت أنغامها كالشهب تحرق المآقي .
مع أرق تحياتي لكل من يقرأ .

الجمعة، أغسطس 10، 2012

لهيب الذكريات .

عندما وضعت يدي في يدك برق بصري إلى مستقبل كبير نظرت فيه إلى حياة أبدية أعيشها بين همسكِ ودفئكِ ، وعشقكِ ، فخيل إليَّ أنني أعيش  أجمل قصص ألف ليلة وليلة . 

لاح برق في سماء ملبدة بالغيوم ، في ليلة حالكة السواد ، وصوت الرعد يهز الأرجاء والبرق يضيء آفاق السماء ، وصوت قطرات المطر له ضجيج في ساحات المكان وأنا  أمام النافذة ، أشاهد كل تلك الطقوس المتتالية في ساعة من الزمن ، فتارت يومض برق ، وتارة تهتز أغصان من رياح تداعبها وزخات مطر تطهرها وتارة دوي رعد يأتي من بعيد يتهادى إلى السمع فيسترعيه ويجذب البصر نحوه ، وتارة نسمة عليلة قد بللتها قطرات المطر فتقع باردة على الجسد فكأنما تنفخ فيه الروح وتبث الحياة ، فتعبرين إلى عالمي مع كل لحظة من تلك اللحظات ، وأراكِ في تغيرات السماء ، في ومضة البرقِ ، أستعيد ذكرى ابتسامتك الجميلة ، ولمعة أسنانك عندما تنبلج عنها شفتاك القانيتان ، وفي عتمة الغيم أستلهم ليلاً أشرقت من خلاله شمس جبينك الوضاء . 

نعم إنني أذكركِ في كل مناسبة ، ومع اللحظات العابرة ، أنتِ حاضرة معي في أعماقي ومخيلتي ، وذكرياتي ، وأتراحي وأفراحي ، في الضباب ، والغمام ، والطل والطلل ، وفي قطر الندى ،وتردد الصدى ، حتى في تلك القطرة التي تركتها ليلة باردة على ورقة خضراء ، فطلعت عليها الشمس فلمعت كأنها حبة من جمان ، أرى فيها دمعكِ وأتخيل أنها انسكبت من عينيك في لحظة فرح أو حزن  فأمسحها وفي تلك الورقة قد تحسستكِ واستشعرتُ خديكِ الأسيلين ، فانهارت عيناي وأغمضتهما على ترقرق الدمع فيهما ، فاحترق جفناي من لهيب دمع الذكريات . 

السبت، أغسطس 04، 2012

مَهْجَرِ الصُّدُودِ .


ربما يوماً سنلتقي بعد كل هذه السنين الطويلة من الهجر والجفاء
لا زال في قلبي حديث منذ أن ابتعدتِ عني بأن لقاء مرة أخرى 
سيحدث ، فأعاتبكِ وأشكو إليك كل تلك السنين التي مرت علي 
وأنا في مَهْجَرِ صدودكِ وبعادكِ .

الأربعاء، أغسطس 01، 2012

نظرة قبل الرحيل .


كم طاب الهوى ، وكم فينا لعب ، وكم تغنينا بأعذب كلمات المودة والعشق . 
ورسمنا على صفحات الماضي صوراً كان مدادها همس خافت في أعماقنا ، كلما خلا بنا مكان ووجدناأننا
وحيدون مع أنفسنا لا تلبث الذكريات أن تتسلل إلى التفكير ثم تطغى ، فنسبح في غمار ذاكرة الهوى رغماً عنا
فتمر تلك الذكريات في صور متعاقبة متسارعة فلا نجد بداً من التعمق والإبحار في زخم أمواجها ، نتطلع إلى شواطئها
البعيدة ، ولكن كلما أبحرنا اتسعت أمامنا آفاق البحر وعلت في وجوهنا الأمواج العاتية ، حتى ندرك أن ذلك البحر رهواً 
بلا سواحل ولا شطآن نرسي عليها ونوقف سفينة الذكريات ، لننسى عبثاً شيئاً من متاعب الحب . 

إنما هو حياة قد كتبت علينا فدخلناها من أوسع أبوابها دون أن ندرك ما يدور في أروقتها ، ولا كيف يعيش من ينتسب
إليها من قبلنا ، ولو كنا نعلم بأحوالهم لعلنا اتعضنا أو وقفنا منها على جلية أمرها ، ولكن لم ندرك إلا وقد رمينا بمجاديف 
القوارب في قعر بحار متلاطمة . 

تقلبنا في حرها وبردها ، وتذوقنا حلوها ومرها ، وعشنا حتى شربنا فما ارتوينا من نهرها . 
كلما حاولت أن أمسح جزءً أو حرفاً من ذاكرة الماضي أجدها قد خلدت ورسخت وتجذرت في كياني ، وصارت نقوشاً 
في صفحاتي قد ثبتت ، وأيقنت أن من المستحيل أن أتمكن من مسح تلك الأشياء ، فاتخذتها مزاراً أخلد إليه كلما مرت الأيام 
وتتالت السنين ، حتى أجدد ما درس من نقوشها وأعيد رسمها من جديد ، واتخذتها عزائي وسلواي وحديقتي الجميلة التي آوي
إليها أردد فيها تراتيل الهوى والنوى ، وأضطجع على أرضها وأخلد إلى إغفاءة أحلم فيها وأستعرض دقائق الماضي الجميل . 

أستمع إلى حديثكِ يطرق سمع الذاكرة ، ولم ينفذ إلى سمعي ، وأرى طيفك يخطر أمام ناظر الذكرى دون أن تعبري أمامي 
أناجيكِ في طيفكِ العابر ، أتحدث إليك عبر همسكِ الخاطر ، أتحسسكِ من خلال أصابع الوهم والمنى والأمنيات الغابرة 
حتى أخفف عن نفسي ثقل البعاد ، وجور الفراق ، وأعيد لعيني نوماً توارى في السهاد . 

 كم أفتقدكِ فيا هلى ترى مسحتي صوري من خيالك ؟ وهل أزال الدهر حروف اسمي من صفحاتكِ ، هل تمكنتِ 
من نسيان عباراتي وألفاظي التي تفننت في انتقائها لتليق بجمالكِ وتظهركِ على قلبي الذي فيه مكانكِ . 
كم أتوق إلى لحظة عابرة أسترق النظر إلى وجهك وأتملى بجمالك قبل الرحيل .
وكم أشتاق إلى مسحة بيدك العطرة على جراح غارت في أعماقي ولم تندمل ، لعل في راحتيك دواء يهدئ ويخفف من لهيبها 
ويسكن بها خافق في جوانحي ينبض بحبك . 

هل تتصوري يوماً أنني قد نسيتك ، وهل تؤمني بذلك ؟! 
إذا كان لديك هذا الشعور أو ذاك التساؤل فأجيبي على نفسك عني بأنكِ لا زلتِ منقوشة على جدار فؤادي 
وفي أعماقي ، إلى يوم التلاقي .

 

الاثنين، يوليو 30، 2012

باختصار : أنتِ في كل شيء في حياتي .






تحتويني ذكراكِ أم تحاصرني ، لتبعث الدفء في جسدي والحياة في أوصالي  وأيامي ، أم لتقلبني على صفائح الحنين والشوق والذكريات أم لتقتلني ببطء حتى أموت حباً ثم تبعثني من جديد لتعيد قتلي وتعذيبي حتى تحين ساعتي .
في كل أطياف حياتي وطقوسها أنتِ ، وأشكالها وألوانها ، وعذبها وأجاجها ، وحلوها ومرها . أنتِ في ألواني الناعمة الزاهية ، وفي ألواني الباهتة والقاتمة ، أنتِ في مشاعري الساكنة والهائجة . أنتِ في كل أمر من حياتي ، وفي كل شأن من شؤوني ، تتوارين تارة حتى إذا هدأت زلازل في كياني وأعماقي  تظهرين من جديد . وتطغين على ذكرياتي وتقتحمي ذاكرتي ، حتى لقد بتِ جزءً من حياتي لا ينفصل عنها ، تتراءين لي حتى لولم أرد ذلك .
أنتِ في رذاذ الغيوم التي تلبد السماء وتحجب أشعة الشمس الحارقة عن الأزهار والأغصان لتبللها برذاذها حتى ترتوي وتتراقص في نسائم هواها العليل . أنتِ في ذرات المطر عندما تنساب من غيمة توقفت فوق أرض جدباء لترويها بمزنها بعد طول غياب فارتوت - واهتزت وربت وأنبتت من زوج بهيج - لأن حبنا ارتبط بالمطر يوماً  فأصبح باعثاً لذكراكِ كلما هطل .
أنتِ في صوت الرعد عندما يشق السماء ويدوي في الأصقاع وامتلأت بدويه جنبات الوادي لأن العهد الذي أطلقتيه لي بأنكِ ستكونين لي دون غيري -  والذي خنتيه فيما بعد - ارتبط به فصرت أتذكركِ وأطلق أقوى زفرة كلما سمعت قصف الرعد أو رأيت وميض البرق يشق ظلمة الليل في الأفق البعيد في ليلة ممطرة ، ترنو إليها النفس وتهفو إليها المشاعر . ولا زال حبكِ يتجدد كلما سمعت صوته أو رأيت وميضه حتى صار الرعد جزء من ذكراكِ .
أنتِ في رائحة التراب عندما تبلله السماء بغيث منهمر سخي  ويختلط بذرات المطر
بعدما اشتاقت له أرض قاحلة غاب عنها وابل الغيث العميم ، لأن لحظة من لحظات اللقاء عشناها تحت زخات المطر ، ففاحت رائحة الأرض المتعطشة  فاستنشقناها كأعطر رائحة على الإطلاق ، فأتذكركِ كلما شممت رائحة التراب تعبق من خلال زخات المطر
أنتِ في رائحة الأشجار الزكية عندما تستقبل وابلاً من السماء ترتوي من غدقه وتنشرها حبيبات البرد كأنها تثيرها لتعطر المكان وتبعث البشرى في النفوس بحياة هانئة جميلة ، لأن للأغصان حضور لأجمل لحظة من لحظات حبنا كتبناها سوياً تحت رفرفة أغصان الوادي الجميل .
أنتِ في هدوء الليل الساكن وحشة أو وقاراً ، قد تلألأ فيه قمر وهو يشق مشارق سماء مظلمة ليبدد ظلمتها بنوره الخافت الوقور وهو يسري في سماء صافية وحيداً إلا من نجوم وكواكب يتيه بينها جمالاً كأنه سيدها أو كأنها حسناوات تزفه لمملكته وعرشه . فأصبح القمر رابطاً بيني وبينكِ كلما أطل بخجل من مطلعه وتاه في عنان السماء .
أنتِ في خيوط الشمس الذهبية عندما تشرق في ساعات الصباح الأولى فتلقي على الأرض تحية إصباح جديد كأنها ترمي عليها أوشحة من ذهب هدية يومها السعيد ، قبل أن تبث دفأها في أوصال المعمورة ، ولي في تلك الأوشحة الذهبية ذكرى لكِ باقية إلى الآن لأن موعد اللقاء قد حان بعد انتظار طويل في ليل السهاد والكرى .
أنتِ في صوت العصافير المغردة فرحاً على أغصانها تصدح بأعذب الأنغام والألحان فيتنتشي ارجاء الوادي وتتناغم مع تلك الألحان العذبة ، وتهتز الأغصان وتتراقص الأعشاب طرباً وكأنها ترقص على إيقاعاتها في تناغم جميل
أنتِ في خضرة الزرع والعشب ، أنتِ في أنغام العود الشجية ، عندما تهتز أوتاره بين يدي فنان بارع يأسر السمع واللب بتقاسيمه وترانيمه .
أنتِ في كل جزء من عمري وبين طيات حياتي ، أنتِ في ذاكرتي وكل ذكرياتي . أنتِ في مداد قلمي وبين سطور أوراقي ، وبين طيات كتبي وفي أجمل قصص حياتي . باختصار أنتِ في كل شيء من حياتي .


الثلاثاء، يوليو 24، 2012

تيه في سماوات الرحيل .


في دقائق أيام عمري وثواني حياتي لك بصمة قد ثبتت تكاد تكون جرحاً خامداً تبعثه عقارب الزمن كلما مرت عليه . 
وكلما ابتعد الزمن أخال أنني قد أشفى من ذكراك ، وأرتاح من معاناة حبكِ وهواكِ ، ولكن ذلك ما يزيدني إلا شقاء بكِ 
وفتنة أعيش في أهوالها كلما ابتعدتْ زادتْ وتمادتْ . 

في كل لحظة من لحظات العمر ، لكِ حيز لا يشغله سوى ذكركِ ، وتجوال الخيال ورنين الذكريات في ماضيكِ ولقياكِ 
وفي كل مفاصل الأيام والشهور وكذلك السنين تعيشين ويتجدد ذكركِ حتى لكأنه يخيل إلي أن تلك اللحظات الغابرة إنما هي 
حادثة اللحظة ، فيتبدد حلم النوم في غيب النسيان ، وتستيقض الذكرى على وقع رنين ناقوس الذكريات الغابرة ، المارة بين 
سطور العمر ، وصفحات الزمن الغابر . 

آمنتُ يا من أسرتِ كياني ، وسلبتِ لبي الآن بأن نسيانكِ ضرب من الجنون ، وحقيقة راسخة في أعماق المستحيل ، رغم بعادكِ
وغيابكِ ، وجفاؤكِ . 

رغم رحيلكِ الأبدي ، وربما نسيانكِ لي ، يستحيل على ذاكرتي أن تطهر من عبقكِ ، وعبيركِ ، ويتعذر على مسمعي أن يلفظ صوتكِ وعلى ذاكرتي إزالة تلك الصورة التي قد رسمتها  لكِ عيني ، فلم يعد في شريط الذكريات إلا صوركِ تدور وتظهر في كل إغفاءاتي وتضج في كل سكناتي ، تنتابني خطراتها كلما أسلمت جنبي للنوم ، حتى أغفو على وقع قدميكِ في أرجاء أطلالي . 

آه من الأيام كم هي سريعة الذهاب ، والرحيل ، ولكنها لا ترحل من حياتنا كفافاً ، بل تذهب وقد تركت لنا سجلاً حافلاً بالأحداث ، فنسيناها ولم ننس ما تركت لنا وما دونت في سجلاتنا ، فكم آمالاً تلاشت وأحلاماً تبددت ، وذكريات ترسخت في الأعماق ، وآلاماً أوجعت، ثم توجت ذلك بصفحات من البعاد مليئة بكلمات الحرمان


رحلتِ عني وتركتِ في أعماقي جرحاً غائراً تنكؤه لحظات العمر وأنين الذكريات ، وخلفتِ لي قلباً سقيماً ينبض بدماء البعد وآلام الفراق وتركتِ لي جسداً منهكاً أهلكته يد الجفاء وصرعات الفقد ، وعقلاً تائهاً في سماوات التأملات والخيلات  . 
فإن كنتِ قد رحلت بجسدكِ وغبتِ عني بكيانكِ فلم ترحلي عني بحبكِ والوفاء لكِ بعشق أبدي سيظل مسيطراً على كياني .



الثلاثاء، يونيو 26، 2012

بين طيات المعاجم أهمس باسمك ..







هل رفع القلم أم جف الحنين ، أم تنثرت المشاعر وألقت بها الأحداث في مكان سحيق ؟
أم أن الأوراق قد جفت وطويت صحائف الماضي بما فيه من الحنين ، والأشواق والإحاسيس ؟
لمَ الهجر والجحود ؟ والنأي والبعاد ؟
أليس أنا من لاعني الشوق إليكِ ، وأتعبني السهاد والكرى من أجلكِ ؟
أليس أنا من توجهت إليكِ بكل كياني ، وأسرفتُ في اللحاق بسرابكِ و الحديث ومناجاة خيالكِ ؟
سلكتُ طريقكِ رغم ما بها من أشواك ، واقتحمت العقبة تدفعني إليك الأشواق .
وتوجست خيفة عليكِ من النسمة ، والهوى ، ومن الزرع والعشب الذي تداعبه يداكِ كل يوم ،
وغِرتُ على أعطافكِ من ثوبكِ الناعم وعلى صوتكِ من آذان السامعين ، وعلى راحتيكِ من نصل المنجلِ
وعلى أثركِ من قمم الطلل ، ومن أغصان الشجر التي تداعب جسدكِ عندما تمرين بينها .

ظلت روحي تتبع طيفكِ في الأرجاء ، وطغى خيالكِ على صور لبي ، وذبذبات ذاكرتي ، وصور مخيلتي
حتى استوطنتِ مني كل جزء في كياني وسكنتِ ، لامس عشقكِ كل ذرة من أعماقي ، وتغلغل حبكِ في قعر باطني و فوق سنام ظاهري ، حتى أصبحتِ جزءً مني .. أهمس باسمكِ ، وأنا أتصفح بين طيات المعاجم ، وتطرئين على فكري وأنا مستغرق في قراءة كتبي ، حتى لم يعد مع الكتاب سوى بصري أما فكري وعقلي فقد سرح يتأملكِ ، ويتذكركِ ، حتى أصبحت كأنني أقرأ اسمكِ في طيات تلك الكتب والمعاجم وتصورت أن تلك الحروف ليست إلا اسمك .

كيف تسحريني ثم تسلبي لبي ، وتقتحمي كياني ، وتستعبدي فكري ، وتملئي ذكرياتي ، وتسيطري على مهجتي ثم تبتعدي عني ، وتتركيني ؟ 


هل كنتِ في ذلك مرغمة ، أم خائنة .. ؟
أم منهزمة أو خائفة .. ؟
ابتعدي عني كيفما شئتِ ، أو اقتربي حتى أجد دفء أنفاسكِ يدفئ جسدي البردان من هجركِ
فأنا أحبكِ وسأظل أحبكِ رغم كل ذلك .

الجمعة، يونيو 01، 2012

حديث الصمت .


في أطراف المدينة  حيث كنت أنتظرها لتأتي وما هي إلا لحظات ونور وجهها يحاكي نور القمر ويلتقيان في الجمال والهدوء وتنفس المشاعر ، جلسنا وافترشنا التراب ثم تأملنا بعضنا ملياً دون أن ننطق بكلام ، تركنا لأحلامنا مساحة الرسم والتصوير ولمشاعرنا فرصة الحديث الصامت مع بعضها ، ولأحاسيسنا لحظات اللقاء الهامس . تحدثنا صمتاً لبرهة وكأننا لا نجيد النطق ، واستغرق كل منا في النظر إلى وجه الآخر وهي تشيح بوجه الخجل عني حتى لا أمتع ناظري بذلك الجمال المتشح به وجهها البهي ، ثم امتدت يدانا بمشاعر الحب دون مشاعرنا حتى التقتا والتصقتا بعنفوان الحب والغرام . وظللنا جاثيان تحت قطرات  الندى ، في تلك الليلة الفاتنة الجميلة ، التي سرى فيها البدر يرقبنا من خلال ضباب الليل وكأنه يتجسس علينا تجسس الغيران ، فيطل علينا من خلف الغيوم ويحتجب عنا تارة بين الضباب ..
يالها من ليلة رائعة استنشقنا فيها نسمة الحب ورويناها بنسمة الوادي العليلة ، ورذاذ الضباب كأنها تسكن فينا فورة الحب ، وتروي شجيرة الحب وتغرسها في الفؤاد .
 

الاثنين، مايو 21، 2012

صدأ ...

 ترى هل تصدأ الأوراق ؟ هل يصدأ القلب ؟ 
أسئلة على طاولة الصدأ .
صدأ هو صدأ وليس ( صدى ) حتى لا تلحن في القراءة 
أو تتهمني بأنني أخطأت في الإملاء أنا أعني الكلمة ( صدأ ) بحروفها ومعناها ومضمونها . 
سأتكلم عن صدأ القلب بحسب ما تمليه علي مخيلتي ، وواقعي الذي أعيشه ، فأنا أتنقل بين الكلمات  وأبحث أن آفاق واسعة أبحر فيها ، أتسلى بالبحث والتنقيب عن الكلمات التي تعبر بجزالة عن كياني والعبارات التي شفي صداها وجزالتها ما يعتلج في أعماقي.


هل تصدأ القلوب .. وكيف تصدأ ؟ 
وماهي أسباب ذلك ؟ 
هل القلب هو الذي يصدأ أم الفكر ، أم الذاكرة أم المخيلة هي التي ترتبك في التصويروالالتقاط والرسم ؟ 
هل من صحة التعبير أن أطلق هذا المفهوم ( صدأ ) على القلب أم أعبر عن عزلته بتعبير آخر ؟
كالهجر مثلاً ، أو الصد أو البعد أو الحرمان ، أم بتعبير آخر قد يكون قريباً ولطيفاً كالران الأخضر الذي يغطي الصخرة 
الدائمة في الماء ( الطحالب ) لطول بقائه في نهر الحب الجارف دون اهتمام ، يتجرع النسيان ، والهجر ويزدرد الصدود ؟ 
أم أن الصدأ قد أتى عليه وتآكل مع العوامل وبقاؤه في العراء مرمياً مهجوراً منسياً . 
شعور في أعماقي كالموج يتقاذف حياتي ، يعلو بها تارة ويخفض تارة أخرى ، ورياح عاتية تعصف بزرع حدائقي وتساقط أزهارها ، وانجراف يهدم جوانب نهري لينتشر ماؤه العذب ويجف في جنبات الصحراء ، أويتقوقع في حفر الطرقات فيأسن ويتغير طعمه ولونه ورائحته . 


لا أدري عن أي شيء في داخلي أعبر وأدون .. 
هل عن الحب والغرام وأتجاهل الزمن الحاضر ، وأكف عن التفكير في المستقبل الغامض ولو أن ملامحه باتت تتبدى
نوعاً ما . 
أم أكتب عن الحاضر والأحداث التي تعصف بالأمة وتكالب الأمم على أمتي ، وضعف أمتي بل تخاذلها ووهنها وحبها للحياة
وكراهية الموت . 
أم أكسر ريشة قلمي وأهريق مداد محبرتي ، وأمزق أوراقي ، وألتمس مضمون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير مال الرجل آخر الزمن شويهات يلحق بها شعف الجبال ( أو كما قال ) . 
أجد قلمي يتأرجح بين هذه وتلك ، وربما يقصر عن تلك ليبقي في الأعماق هموماً مكبوتة وفي الذاكرة صوراً باهتة تصارع 
للخروج والبروز في المخيلة في كل حين .
كلما وضعت رأسي على وسادتي تنهمر علي كزخات المطر فتبدد نومي وتصدع برأسي . 
كلما استويت على فراشي من مرقدي تتبادرني كما تتبادر الذر قطع الحب الصغيرة فتنهشها من كل جانب لتفتتها حتى يسهل حملها ومن ثم اقتياتها . 
إنه الصدأ وليس الصدى .

الاثنين، مايو 07، 2012

صخب الذكريات .



أين أذهب من ذكرياتي ، وتلك الصور الجميلة
التي تخترق جدار صمتي ، وحاجز غفوتي ، وتلك الهمسات
الرقيقة التي تضج في أعماقي ، وتتهدج في كياني ، وتلك الصور
التي تتهادى في سكون ليلي ، كشعاع البرق في ليلة ممطرة
يتخلل السحب ، ويضيء في جانب الضباب ، على خيط الأفق البعيد .

أين أتوارى من أصوات الذكريات التي تتزاحم في أرجائي لها حطيم كحطيم
اللهب في أجزاء جذع يابس ، لها أزيز في سكوني ، وضجيج في هدوئي
تجبرني على الإنصراف إليها وإن زعمت أنني سأتحاشاها ، أو أهرب منها

كلما هربت منها وتظاهرت جدلاً بأنني أشيح بخيالي عنها لا أجدني إلا قد غرقت
في بحرها ، أجدف بمجاديف الأحلام والآمال ، وأشعل في مشاعري نار الآهات
والتحسر .

تشتعل في داخلي كما تحترق الورقة البيضاء ، سرعان ما تغدو رماداً تذروه الرياح .
أين أذهب من ذلك الصخب الذي استولى على سكنات راحتي ، وأقض مضجعي
...
تحيط بي من كل مكان ، وأجدها في كل شيء من حياتي ، في القلم .. على الورقة
في فراشي .. وعلى وسادتي .. حتى في زادي وشرابي .. في ملبسي .. في مناسبات
الأعياد .. والأفراح .. والأحزان .. حتى في سير الأيام واهتزاز الاغصان .. وسامقات الأشجار
في صوت خرير النهر وجلبة السيل في الوادي وفي انتشار الضباب وهو يسح على الهضاب
ويعلو القمة ويكسوها كأنه عمامة شيخ جليل .

كلما صرفت ذاكرتي عن تلك الذكريات لا أكاد أصدق ذلك حتى أجدني في أعماقها ..
أكتب وأدون ، وأحاول التعبير عما يجيش في كياني من زحام وتراكمات من مرور الزمن
وتتابع الأيام ..
أجدني أقف على مشارف الطلل رغم بعدي عنه .. أجول في أنحائه بخيال كله حنين وأنين .
وأعيش فيه خيالاً كما عشت فيه حقيقة ذات يوم ولكن بشعور مختلف عن ذلك
بشعور يكسوه الوجد والفقد .. أعيش فيه وحيداً دون جزئي الآخر الذي طالما حلمت
بأنه سيكون ملتحماً بي يوماً .. ظلتُ أتابعه بجوارحي ، ومشاعري وأحاسيسي البريئة
عاكفاً على محراب تأمله وتذكره .

أخبروني بربكم أين أذهب من تلك الذكريات المحرقة .. وأين أكتم تلك التنهدات العنيفة
هل علي أن أموت كي أرتاح ؟
هل علي أن أعود طفلاً كي أكون بريئاً !
ما أجمل البراءة والطفولة .. ليتني أعود طفلاً لأعيش بنقاء طفولتي وأموت ببراءتي .

السبت، مايو 05، 2012

الرحيل إلى المستقبل الجميل .


أين أذهب وماذا أفعل ؟ 
عندما تجفوني الكلمات ، ويخبو شعاع الأمل ، وتأفل شمس . 
عندما يضيق الأفق أمام ناظري ، وتخبو الشمس خلف أطلال الذكريات .ويموج البحر قمماً من الأمواج المتلاطمة ، ويصخب أمواجاً عاتية .
عندما أسمع دويها وتأرجحها على صخور الشاطئ المضطرب من ارتجاجاتها . 
عندما تذبل الزهرة التي طالما اهتزت وتراقصت على أنغام الرياح الهادئة ، وتنفست بأريج النسمة اللطيفة . 
عندما تموت وردة حمراء  كانت تتوهج في أرجاء بستان الأمل ، ويعبق أريجها في الأرجاء . 
عندما أحضر ورقتي وأمسك بقلمي ثم أستجمع إلهامي ، وأبحر في لجج الكلمات بحثاً عن المفردات التي تعبر عما يجيش في أعماقي ، فأجد أن ذلك يأتي إلي بصعوبة ، وأجد أن أنفاسي تكاد تختنق في لجج الكلمات ، فهل أصابتني عين ، أم رماني حاسد بسواد صدره الحقود ؟ 
أم أن رحيل من حولي وشعوري بالوحدة ، وخذلان من كان معي لي ، صار صدمة قوية فأعيتني . 

أم أن الأحداث الجارية ، والأيام المتسارعة ، والشعور بأن ما سيأتي سيكون مختلفاً كثيراً ، هو الذي حتم علي علي السير في اتجاه آخر ، وأبحث عن مراتع أخرى للكلمات . 

نعم نحن على مشارف عالم جديد مختلف تماماً عن العالم السابق ، نحن على مشارف زمن العودة بعد الغياب .
نحن على جادة العودة إلى عالمنا الصحيح الذي خلقنا له ومن أجله
ولكن هل سننسى كل شيء ؟ 
هل سننسى الماضي ؟ هل سننسى الأحبة أو ينسوننا ، هل سيتخلا عنا أحبابنا ، وهل سينظرون إلينا كأشياء جديدة .
تماماً كما سيكون ذلك العالم جديداً ، أم سنعود جميعاً بقلوبنا إلى حقبة كانت من الزمن الماضي ، من الحب والصدق والإخلاص والوفاء ، عصور الكلمة الصادقة ، والقلوب الصافية ، الطاهرة ؟ 
أم ستطغى على النفوس والمشاعر والقلوب مشارف الساعة ، ومشاعر الوقوف ؟ 

إن الأيام القادمة ستكون جميلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، ستكون رائعة بكل ما في الكون من جمال وجمال ، ولكن ستكون لها إرهاصات ومقدمات صعبة للغاية ، ولن يصل إليها إلا صابر مجالد ، قوي ومخلص ، ولن يصلها إلا ممحص قد عركته أحداثها وصقلته فتنها ، وقارعته مخاطرها ومصائبها ، إنها مرحلة أشبه ما تكون مرحلة الامتحان الانتقالي من مرحلة إلى أخرى ، فمن صبر وثابر اجتاز الامتحان ، وعبر القنطرة ، ومن يئس وتململ وتضجر أخفق وتقطعت به السبل ، ثم انحدر إلى قعر هاوية عميقة ، وتقاذفته الفتن حتى يهلك وقد خسر كل شيء . 

الأحداث تتسارع ، والآيات تتلاحق ، والعبر تمر أمام أعيننا دون اعتبار ، والشواهد تبرز لنا كل يوم ونحن غافلون .
( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) . 
ستبقى الأحبة في الفؤاد وإن رحلوا ، وتبقى الذكريات مراتعاً بعد الرحيل . 
 


الأحد، أبريل 15، 2012

وألقاكِ رغم غياكِ .

أشتاق إليكِ كلما ابتعد الزمن وتوالت الأيام ، ومرت السنين .
تعود بي الذكرى ويهفو إليكِ القلب عندما أقف على الطلل البالي
أقف على أعتابك أستلهم خيالكِ وأشتم بقايا عبيركِ وأنصت بخشوع
لهمسات الطلل عسى أن أسمع فيها همسكِ ، وأجدد حبكِ وأروي به ضمأً
فؤادي ، وأجدد ولاء الهوى والعشق لكِ من جديد بالهيام والذكرى .

أتيه على مشارف الطلل وأتجول روحاً في ارجائها بينما أنا واقف على أطرافه
كالعابد الواقف بخشوع في محراب العبادة ، وليس بي إشراكاً ولكن أداوي جراحاً
أبت إلا أن تلتهب من جديد كل حين في داخلي .

أعود إليك رغم ذهابكِ وألقاكِ رغم غيابكِ ، وأعشقكِ رغم ابتعادكِ ، هيامي بكِ يتجدد
ويكبر بكبر الزمن وتمادي الأيام وابتعادها ، ليس كبراً يفضي إلى الشيخوخة والكهولة
بل يكبر فيزداد قوة وفتوة ، فالحب يكبر ولكنه لا يشيخ فيعجز ويهرم .
وكلما ازداد قوة وكبر يقع ذلك على قوتي فهدها وشبابي فيفنيه ، وقلبي فيضنيه
وجسدي فينحله .

رويته بإحساسي وغذوته مشاعري ، وزرعته في أعماق ذاكرتي وعقلي فنبتت جذوره في فؤادي ، فأنت أول فتاة تتناول قلبي وتزيحي عنه الجوانح وتبسطي إليه يديك الطاهرتين وتجذبيه إليك وتقبضي بالحب على أجزائه ، فتوجهت إليك بمشاعر وأحاسيس نقية لم يمسها أحد سواكِ ، فارتسمتِ على كل جزء منه وثبتت في كياني
مودتك .

( أنت العين ، والأماني ، واليُمْن ، والشوق ، والهيام ) . أصبو إليكِ بكل كياني وتطلعاتي .
فغيبي ما شئتِ من الزمن ، ومارسي ما استطعت من صنوف الهجر ، واسلكي ما خطر لك من طرق البعد والبين ، ثم عودي متى شئتِ فستجديني على دربكِ أقتفي أثركِ ، وأقف على قارعة الطريق في انتظاركِ ، فإن عدتِ ستجديني كما أنا متيم بكِ
وإن استرسلت في الرحيل فما يزيدني ذلك إلا هياماً وأشواقاً ولوعة .

الثلاثاء، أبريل 03، 2012

نسيانكِ ضرب من المستحيل .






تنبعثين في لحظات عمري كل حين ، ويحشر خيالك على عرصات حياتي كل لحظة من لحظاتي ، وتقوم قيامة البعد والنوى لتعذيب القلب وتضني الصب ، وتلظى الأحاسيس والشعور بلهيب الذكريات وآلام أصداء الماضي .

تنفخ اللحظات العابرة والعذابات السافرة في صُور الذكريات فتتطاير أوراق الحنين والجوى ، وتخيم ظلمات الجفا ، فتأخذ بناصية الهواجس وتبعثها في أعماقي وتزحها زجاً ، وتنزع شوى النفس فتتلظى نارها في أعماقي ، حتى أجدني أسبح في لجج حبك الذي لم يعد سوى جراحاً من الذكرى تحرق العمر وتهد القوى ، وتحط بثقلها على كاهلي حتى يكاد ينوء بحمله ، ولكنني أعالجها بتجرع الغصص والتصبر على آلامها والتقلب على جمر نيرانها ، والتصبر بذكراك والتسلي بطيفك وعبور خيالك في لحظة إغفاءة يسيرة فأعيش في نارها وقد أصبحت برداً وسلاماً بمشاعر حبك القديم المتجدد بتجدد الأيام والسنون .

كلما مر بي العمر وتقدمت بي السن وتتالت الأيام أقول إنني سأنساك ، وأدفن ذكرياتي وذكراك ، وأحرق أوراقكِ وأزيل طيفكِ وأطرد خيالكِ من مخيلتي ، وأمزق دستور حبكِ وأمحو قوانينكِ ، وأعتزل دولتكِ وأعلن الخروج عن حكمكِ ، فإذا بي أزداد بكِ شغفاً وأهيم بكِ كلفاً .

وكل شيء في هذا الكون يذكرني بكِ ويبعث طيفك أمامي من جديد ، وينشر حروفكِ ويبعثر كلماتكِ في الهواجس والمخيلة ، حتى تسيطر صورتكِ على لوحاتي وتطغا على ريشتي فأرسمكِ وإن كنت أتخيل شيئاً آخر .

الأطلال البالية لها معي حديث ولي فيها وقفات خالدة بخلودي وباقية ببقاء عمري ، تذكرني بكِ كلما أشرفت عليها ، بل أصبحت جزءاً من حياتي وعنواناً لذكرياتي .
وتغاريد الطيور وشقشقة العصافير تذكرني بكِ ، وفي هبوب نسمة الوادي واهتزاز الأشجار والأغصان ، وفي صوت الشلال تذكرني موسيقاه وكأنها تردد الألحان بصوتك ، وفي تلبد الغيوم في السماء ذكرى لكِ في فؤادي باقية أبد الدهر ، وفي احتجاب الشمس وتغطيها في الغمام كتغطية وجه العروس لي أنة وحنين ، وجراح تتجدد وتلتهب من جديد .

وفي ارتداء الورد قلانس الزهر وارتوائه بماء الطل ، لي آلام أشكو منها وجراح أتقلب عليها ، وفي إشراقة الشمس الجميلة عندما تبث ضياءها وترسل خيوطها كأنها أطواد من الذهب تغرسها في الأرض الباردة فتثير الضباب وتنثره في الأرجاء ، يتخلل الأشجار ويتوهج على الأغصان الندية ، لي تنهدات ، وتأملات ، وتجديف في أعماق ذكراك ، وبحار اشتياقكِ .

وفي قطع السحاب المنتثرة في السماء عند الإشراق والأصيل كنمارق من الذهب مصفوفة على زرقة السماء تسبح الخالق العظيم ، لي شخوص وتقلب في سموات ذكرياتكِ وأراضين بعادك وأعماق هجرك وصدكِ .

أتذكركِ فأغدو كالمذهول حتى أغيب في ظلمات الأحلام ، وجمر الذكريات وجحيمها ، فأيقنت أن نسيانك ضرب من المستحيل ، و ( قد ثبتت في القلب منكِ مودة كما ثبتت في الراحتين الأصابع ) فأعود عن التفكير في نسيانك لأعيش في متاهات الذكريات ، وأتقلب على نيران الجفاء ، وأعالج غصص البعد ، وأعيش على آمال ( وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا ) .


الاثنين، مارس 26، 2012

أخبروني عن حضنها .


يامن عشتم في تلك الأحضان ، وترعرعتم بين تلك الجنان ، أخبروني عن تلك
الأحضان ، أخبروني عن تلك الجنان ، حدثوني عن ذلك الأمان ، حدثوني عن دفئها
وحرارة  صدرها في أجسادكم كيف هي حرارة حجرها ، حدثوني عن همسها وصوروا لي تقاطر دمعها ، حدثوني عن حليبها ، وعن ثديها كيف تلك الجنان ، كيف ذلك الحنان ، كيف ذاك الوئام ؟!

حدثوني عن يديها هل هما ناعمتين ، هل هما رقيقتين ، هل هما دافئتين ، خبروني عن حديثها وصوتها وهمسها وريحها ، وعبيرها ، عن بسمتها وضحكها ، عن بكائها وعن سرورها وحزنها ؟!

حدثوني عن أحضان الأم كيف هي بربكم ؟! تكلموا بكل شفافية حتى تبعثوا في روح الأم وتشعروني بدفئها وحنانها .

طفل فقد أمه واختطفها الموت من أمامه وأسكنها رمسها وغيب عنه صورتها وصوتها وحرمه حنانها ، فحزن ثم رسمها حتى ينام على وقع صوتها وصورتها ، ليشعر بالأمان الذي افتقده بموتها ورحيلها الأبدي ، وحق له أن يحزن وتتقطع أحشاؤه ألماً ويموت قلبه كمداً . وهذا حكم الله وقدره .

ولكن كيف بمن فقد تلك الجنان ، وحرم ذلك الحنان ، ولم يعرف تلك الأحضان وهي حية ، كيف هو بربكم ؟! يراها ولكنه لا يشعر بخلجات الحب والحنان والأمان رغم وجودها .

أخبروني بربكم كيف أنتم وأنتم تلعبون بين يديها ، وهي ترقبكم بعينيها لا تغيبون عن ناظريها ، وإن غفلت عنكم بنظرها تنقلب تلك الغفلة إلى خوف وشجون يكتظ بها قلبها ويتراكم في أعماقها حتى تعيد إليكم نظرها لتستعيد برؤيتكم الشعور بالاطمئنان عليكم .

أخبروني كيف عينيها عندما تنظرون إليها وهي مسرورة بكم وبرؤيتكم بخير أمامها كيف هما تلكم العينان ؟! ماذا ترون فيهما ، هل ترون حباً جامحاً ، وسروراً كاشحاً ، وسعادة غامرة ، هل ترون الجنان ، هل ترون أنهاراً من الحب تنهمر من عينيها .. نعم ستكون إجباتكم ( بنعم ) إذن أخبروني بربكم عن ذلك كله .

أخبروني عن عينيها عندما تتوعكون وتمرضون كيف هما وماذا ترون فيهما ؟! هل ترون طوفاناً من الهم ، هل ترون كثباناً من الغم ، هل ترون ودياناً من الأحزان ، كيف تسمعون أزيز صوتها ، وتسارع نبض قلبها ، وهل تشعرون بحرارة نهدتها ؟! ستكون إجابتكم ( بنعم ) إذن أخبروني بربكم عن  ذلك
كله!
أخبروني بربكم .. هل هناك حضن ينوب عن حضنها ؟!
هل ينوب عنه حضن القرينة ؟ 
هل ينوب عنه حضن الأخت ؟
هل ينوب عنه حضن العمة 
أو الخالة ، أو الجدة ؟!
كم أنا في لهفة وشوق إلى إجابتكم . 
آه وألف آه يا للوعة من يفقد الأمان بأحضان الأم .
ويا لمن يفقد الحنان في حضنها . 
لاشك إنه بائس وأي بؤس وهي التي حرمته ذلك بإرادتها 

ويا له من فقد .. ويا له من كمد .
ويا لها من أعاصير تعلو في النفس وتقطع الأحشاء ، ويالها من كربة عندما نُحرَمُ ذلك  وهم أحياء .. يالها من غربة نفقدهم برحيلهم وما أشدها من غربة بفقدهم وهم أحياء .

بارك الله لكم تلك الجنان ، ومتعكم بذلك الحنان ، ابذلوا جهدكم
في سبيل برها قبل أن تفقدونها وبعد رحيلها فلا ينقص حقها حتى
وإن ألقت ما عليها وتخلت .
ستعرفون من أنا من هذه المقالة ( فليغفر الله لي بوحي )

الأحد، مارس 25، 2012

رسم على همس الأطلال



دعوا الأطلال كما هي ، لا تحدثوا فيها شيئاً ، لا تغيروا ملامحها ، ولا تعثوا فيها .
دعوا تلالها تقف في صمت في فضاء الزمن ، تناجي الماضي ، وتتحدث في السكون
وتهمس في جدار الصمت الرهيب ، دعوها تهمس في أذني عبر الليالي وتتخاطب إلى روحي في غيهب الزمن السحيق .

دعوا رباها تنبت العشب ، ويخضر ليكسوها بسندس الذكرى ، تعزف على أوتاره الرياح وهي تداعبه في حزن وألم ، دعوها تنبت من جديد وتخضر وتكتسي كما اعتادت .

اتركوا تلك الربا تقبع في غرف الماضي الحزين ، تتأمل جدران الصمت ، ببصرها النافذ إلى آفاق السماء ، دعوها تجلس بين قضبان الذكريات الأليمة تهمس في سمع المشاعر وتوقظ الأحاسيس .

دعو الأشجار تساقط أوراقها وتتجرد من خضرتها لتعبر عن أساها ونصبها ، تعلو في سماء الماضي وتبقى شامخة متجردة من أوراقها ، لتبعث برسائل الشوق ، والحنين ، وتكتب كلمات البعد وترسل تناهيد الألم ، لتحطم جدار الصمت وتنبش مقابر الذكريات حتى تنتشر في الذاكرة ، فأغفو عليها وأقتاتها كما يقتات الجائع المدقع لقمة بعد جوع شديد ، لتغذي ذاكرتي وتعيدني إلى عبق الماضي الجميل ، لأعيش فيه ولو لحظة إغفاءة عابرة كأنها حلم سعيد .


دعوا قمم
الأطلال كماهي شامخة تناجيني بل تناديني بإشاراتها التي رسمتها في كياني في فترة قد مضت ، تخاطبني فأفهمها وتفهمني ، وتنقش أبيات الشعر في أوراق أعماقي وجدران فؤادي .

لا تسكنوا منازلها حتى لا تختلط برائحتكم بشذاها المالئ أرجائها ، المتغلغل بين حجارتها ومدرها ، وحتى لا أنظر إلى ساكن غيرها حتى لا ترتسم في خيالي صورة أخرى غير التي قد سمتها لها في ذاكرتي ، ونقشتها في مخيلتي .


إنها وإن كانت ملكاً لكم تربة وأرضاً فإنها ملكي كياناً ومشاعراً ، وحياة نسجتها على رباها ، وزرعتها في نواحيها ، وأسقيت رباها وتلالها وأزهارها بدموعي ، وغذوتها بمشاعري وإحساسي ، وتركت في أنحائها فؤادي يرتع فيها على وقع أقدام الزمن وخطو الأيام ، فهو وإن كان بين جوانحي إلا أنه يرتادها كل حين يجدد ولاءه ويرسم الحب من جديد على همس
الأطلال ، ووحي الحرمان ، وتباعد الأيام ومسيرها ، وينقش عبق الذكرى على جدرانه ويستلهم حديثها .

عجباً منكم علام تحسدونني ؟

على الألم ؟ أم على الأنين ؟
على الحزن أم على الحنين ؟
أم على البعد وهجر السنين ؟
أو على قلب أصبح فيهم ضنين ؟
أم على حب قد ولد سجين ؟

عجباً منكم أتحسدونني على طلل بالٍ .

أم على أشجار يبس غسنها العالي ؟
أم على أزهار قد ذبلت من الجمالِ .
أم على أرجاء جال فيها خيالي .
تحسدوني عليها فهلا تركتم أطلالي .

الخميس، مارس 22، 2012

تحطم الهلال .

 


هناك ، في الأرض التي بارك الله فيها ، الأرض التي تعود في يوم من الأيام بيضاء كالثلج ، لم يجر عليها ذنب ، حيث تجتمع فيها الخلائق للفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون ، حيث تتطاير الصحف ، وتشخص الأبصار ، وتتبعثر الممالك ، ويذل كل ذي سلطان إلا ذو الجلال والسلطان ، هناك حيث يأتي رب العزة والجلال والملائكة صفاً لا يتكلمون والملك يومئذ الحق لله الواحد القهار ، عندما يضع الله تعالى الكون بين أصبعيه وهو خاوٍ من كل روح ونفس يعتريه صمت الرهبة والخوف والذل لله تعالى الملك الحق ، وقد قبض كل الأرواح ثم ينادي بكل عزة وقوة وجبروت الملك والملكوت الحق : لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يلقى مجيباً ولا يسمع همساً ، فعند ذلك يجيب نفسه سبحانه وتعالى عندما ذهب كل ملك وممالك ، ولم يبق إلا ملكه ، فيقول : لله الواحد القهار . 
هناك على تلك الأرض التي ستكون طاهرة في يوم ما ، عندما تتطهر وتنفض عنها لوثة الطغام والرعاع ، والمشركين ، عندما تنفض عن كاهلها أثقال الجبروت الفاسدة الزائلة ، الكاذبة . 
عندما تنفض عن جسدها ولباسها غبار الدنس وآثام الزنادقة ورجس الفاسقين ، عندما ترمي بجسد بشار النعجة وتلفظه قبل أن يلفظه قبره . 
تلك الأرض الطيبة التي سوف تلفظ جسد الطاغية وتنتقم منه وتلعنه ، قبل أن يلفظه قبره ، ويلعنه ثوبه ، ويلقى أشد العذاب ، قبل أن يرمى في قبره المتشوق إليه لينقبض على جسده حتى تختلف أضلاعه ، ثم يسجر عليه ناراً . 

ذلك الزنديق الأفن ، والمارق العفن ، الذي خرج عن الدين وعلى المسلمين ، فعاث في الأرض فساداً وسام أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - الخسف ، وأهلك الحرث والنسل ، وأعلن الشرك على الملأ  ورضي بأن يكون إلهاً من دون الله . 
لم يرحم طفلاً ، ولا شيخاً ولا أمة ، ولم يرعوي لبكاء ثكلى اختطف الموت وليدها أو زوجها أو أخوتها أو عائلتها كلها على يديه الآثمتين الملطختين بدماء المسلمين البريئة والنفس الزكية التي حرم الله قتلها إلا بالحق . 

هناك في تلك الأرض المباركة ، حيث يلتقي منتصف الهلال الشيعي ، وطرف القوس اليهودي ، سينكسر ذلك الهلال ، وتذوب دولة فارس وتتبعثر أحلام الصفوية وتتبدد آمالهم ، وينقطع رأس الأفعى اليهودية وتتحطم النجمة السداسية ، وتتمزق أوراق البروتوكولات الصهيونية الملحدة ، الفاسدة ، وتتطاير أجزاء الصليب وتهوي الصلبان ، وتخنع عبدتها وتذل قدسيتها ، وتتمرغ بتراب الذل والهوان ، 
نعم في تلك الأرض الطيبة سينتهي بشار وأعوانه وطغمته الآثمة ويزول ملكه ، ثم يقتل شر قتلة من تلك التي لقيها قذافي ليبيا ، وتنتصف منه الأمة والسوريون ، ويرمى بجسده للكلاب الضالة التي أخالها ترفض أكلها وتصد عنها لأنها جثة منتنة كانت تدور في داخلها روح خبيثة صعدت إلى السماء لملاقاة ربها فأبت أبواب السماوات أن تتفتح لها فألقي بها من علو السماء فعادت إلى أسفل سافلين ، ثم مآلها إلى جهنم إن شاء الله وبئس المصير . 

فأبشروا يا أهل سورية ، ويا أهل آسيا الصغرى ، إنكم منصورون بمشيئة الله ، فأنتم القوم الذين قال عنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم على الحق ولا يضركم من خذلكم ، ووالله إن بشائر عودة الإسلام وقيامه من جديد لتتلألأ من بين أصابعكم ، وتعلو مع أصواتكم ، وتزداد بأنينكم ، وتزداد قوة بشهداءكم ، وعزة بتضحياتكم ، وقوة بصلابتكم وعزيمتكم . 

وأبشري يا أمتي فهذه طلائع الجيش الإسلامي تتأسس في الشام ، وقد نجمت بذرتها ، وبدأت تزلع وتعلو على أيدي أبطال الشام وأبدالها ، وما هذه المعاناة التي يعانيها السوريون المسلمون الأبطال إلا إرهاصات النصر المبين ، والوعد الحق ، وتمهيد لقيام الدولة الإسلامية الواحدة ، التي تسير تحت الرايات السود ، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( معناه ) من رآها فليأتيها ولو حبواً على الثلج فإن فيها المهدي . 
نعم أبشروا فثورة أهل الشام بداية الإسلام وعودته من جديد وبسط جرانه على الأرض ، وقيام الشريعة الإسلامية السمحة ، وانكسار الباطل وظهور الحق وذهاب الفجرة والملحدين غير مأسوف عليهم كبشار وطغمته . 
إنها ليست كثورة تونس لأن ثورة تونس كان لا بد منها لأهلها ودعت الحاجة إليها عندما ضاقوا بحاكمهم ذرعاً ، وليست كثورة مصر لأن ثورة مصر تقليد ومحاكاة لثورة تونس ، وليس كثورة ليبيا لأن ثورة ليبيا زلة وقى الله شرها فانتصرت على الباطل ونفت الطاغية ، أما ثورتكم يا أهل الشام فهي ثورة على الشرك والذل والإلحاد ، فمن أرضكم ستحيا الأمة وتعود من جديد ، فأنتم من سيؤسس لها ، وعلى أرضكم ستقع الملحمة الكبرى وتهافت الرايات وحشد الأمم ، وافتراق الحق والباطل . 

يجب أن يدرك بشر أن زمنه قد ولى ، وملكى قد آل للسقوط القريب بمشيئة الله ، مهما كابر وعاند وأمعن قتلاً فهو زائل لا محالة ولن تنفعه الروم ولا روسيا ولا الصهيونية ولا الفارسية المجوسية ، وأوباش الصفوية ، وعليه أن يعي أن يقاتل الإسلام ويشاده وما شاد أحد الإسلام إلا غُلِب . 
وعليه أن يعلم أنه يقاتل الأبدال كلما ذهبت منهم طائفة أتت طائفة بدلاً منها ، ولكي ينتصر ويوطد ملكه عليه أن يقتل كل السوريين وأنى له ذلك . 
لقد أزفت ساعتك أيها القاتل الظالم ، والزنديق الرعديد . 

هناك .. في سوريا ينكسر الهلال الشيعي ، ويتحطم الصليب النصراني ، وينقطع رأس الأفعى اليهودية ، وتتمزق أوراق التلمود ويخسر عباد الصليب ، وغداً نفرح بنصر الله ، وإن نصر الله قريب ، وغداً لناظره قريب .

السبت، مارس 03، 2012

أثقال بعدكِ .



في هذا النص أتكلم من أعماقي ، وكل جوارحي ومشاعري
تتيه في عالم الذكرى ، وتطرق على أعتاب الماضي الجميل والأليم
المفعم بكل أصداء الذكريات ، وصرخات الزمن التي تظل تتبعنا لتدفعنا
نحو الأفول ، وتقربنا بهول صيحاتها إلى أفق الغروب ، وكل يوم يمر ترسم
فيه على صفحاتنا خطوطاً تغير من ملامحنا وتنذر بما بعدها ، وتخط بين
دفة كتبنا أسطراً جديدة لا تلبث أن تصير إلى الماضي فتندرج في صفحات
ذكرياتنا ..

لست بشاعر ولكنني أهيم في الماضي رغم مضيه ودروس ملامحه ، فتجيش
في أعماقي مشاعر الشاعر المتيم فأرصف كلماتي كما يحلو لي أنا ، وأجدها تتكلم
وتعبر عن يم يتلاطم في جوانحي ..

----------------------

أثقال بعدك .

تعالي .. نعمر الوادي .. ونزرع في رباه الزهرْ .
ونرقص على أنغام حب وصفير أوراق الشجرْ .
ونرتع في أنحائه ونعيش في ظلاله والنهرْ .

نقطف الورد .. ونشتم عبيره والزهرْ .
ونغني على نسمة الوادي ونتفيأ أغصان الشجرْ .

عودي إليَّ .. واكشفي عني سحابات الضجرْ .
وأزيلي عن كاهلي أثقال بعدكِ والهجرْ .
وامسحي بيديكِ جنح ليل أشرق في جانبيه فجرْ .

-----------
له بقية إن شاء الله .

الأربعاء، فبراير 22، 2012

تعليق على خطبة الصفار اصفرت عيونه .

لي تعليق وتساؤل هنا بشأن هذا الرافضي النجس :
لماذا لا تعامله الحكومة كمواطن ويحاسب على التحريض والدعوة للخروج
على الدولة والفوضى هذا إذا كان يعتبر مواطن سعودي .
أما إذا كان لا يعتبر مواطن فالأولى أن يحدد موقفه ومرجعيته ومن ثم يرحل
ويطرد على أنه ليس مواطن ومخالف لأنظمة البلد ويدعو للفوضى ويؤيد الرافضة
من على تراب هذا البلد الغالي .

لأنه لابد أن يكون أحد رجلين :

إما مواطن سعودي فيحاسب ويعامل كمواطن سعودي تسري عليه
الأنظمة التي تسري على باقي المواطنين .
وإما غير سعودي فيعامل كما يعامل غير السعوديين
وعليه احترام أنظمة وقوانين البلد التي يعيش فيها .

لعن الله الشيعة ما أحقرهم وما أقل عقولهم وما أخونهم .

يعيشون في هذا البلد ويأكلون من خيراته وينعمون فيه بالأمن
والأمان ، بينما ولاءهم لدولة أخرى ينخرون في جسد الأمة الإسلامية
كما ينخر السوس الخشب .
أي نكران هذا وأي سفه في هؤلاء القوم لديهم جماجم جوفاء
قبحهم الله وأخزاهم .
والله ما جزاء هذا المتشدق إلا أن يسجن أو عذاب أليم
ويحمى على الزيت حتى يغلى ثم يضع فيه قطعة قطعة
والله أن كلمات التحقير والتسفيه أنها أشرف منه ومن شاكلته
بل هم اسفه من السفه نفسه وأحقر من الحقارة .
ما هم إلا غربان تنعق بما لا تسمع وحمير تنهق على رؤية الأشباح .
مثلهم كالكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث وأعز الله الكلب وشرفه
عنهم لأن فيه من الوفاء ما يضرب به المثل ، ولم أسمع أو أرى في حياتي كلباً
عض أذن أخيه .

السبت، فبراير 18، 2012

لا مكان للمنقول .

أرجو أن تزوروني وتنضموا إلي على الرابط التالي وتمنحونا فيضاً من أقلامكم المعطاء
في قسم إبداعات الأعضاء عصارة فكر وبراعة قلم ، حيث لا مكان للمنقول فيه
ولكنه للقلم الحر الملهم .
انضموا إلينا على الرابط بالضغط هنا :

الأربعاء، فبراير 08، 2012

وقضى بكِ لغيري فأدمى فراقكِ فؤاديا.


سؤال دائماً أردده وأفكر في إجابته
كلما أغمضت عيني لنوم أو تذكر ، أو لأي سبب
تخطرين أمامي ، وكأن ما بيننا لم يمض عليه وقت طويل
كأنه بالأمس أو في ضحى اليوم الذي أعيشه ، بل كأنه الآن
لأنك صرت محفورة على جدار خافقي ، والنقوش التي تزينه
يتجدد عبق ذكرك في حياتي كما تتجدد باليوم الجديد ، يشرق ذكرك
على كياني يتخلل سحب الماضي وركام الزمن كما تشرق الشمس تتخلل
السحب المتراكم في آفاق الشرق ، تمشي بين بين الغيوم كفتاة تمشي على
استحياء بين الروابي والعشب .

تتجددين في ذاكرتي ، ويعود طيفك يتمثل أمامي كوقفتك بالأمس أمامي ، يعبر
شذى عرفكِ فأستنشقك كأنكِ تمرين بجانبي الآن .

لازلت أذكركِ في كل لحظة من لحظات عمري ، لازلت أهمس باسمك وأناجي طيفك
وأستنشق عبيركِ رغم قسوة الزمن ومرور الأيام .

فيا هل ترى هل لازلتِ تذكريني ؟!
سؤال يتردد في داخلي تعقبه ألف حسرة ، وتجسده ألف علامة استفهام
وتتزاحم عليه احتمالات عدة .
فمن أجد الجواب عنده ؟ هل عند طيفكِ ؟
هل لدى عمق الحب الذي يرتع كياني ، ويسكن ساحاتي ؟
أم بين جنبات الوادي كصدى صوت يترنح بين أخشبيه .
أو مع حفيف الرياح التي تهب مع طلعة الإشراق لتسكب على جسدي
لهيب الحزن والفقد ، وتنكأ جراحاً لم تندمل ؟
أم سيكون الجواب مع مدية الغدر التي قذفتيها في قلبي وشققتي بها صدري

ربما علي أن أعيش عاشقاً مغدوراً وباحثاً حائراً ، أو سائلاً تائهاً .
وقضى بكِ لغيري فأدمى فراقكِ فؤاديا.

السبت، فبراير 04، 2012

مرحلة جديدة في الجهاد السوري .

يجب ألا يخرج السوريون للتظاهر سلمياً بعد اليوم وعليهم أن يخرجوا ليقاتلوا الطاغية
لأن مرحلة التظاهر السلمي قد انتهت وبدأت مرحلة القتال والجهاد .
أسأل الله تعالى أن يعجل بنصرهم ودحر الطاغية بشار وأعوانه ، ويرينا فيه عجائب
قدرته وينزل بهم سخطه ونقمته ، إن الله سميع مجيب وعلى ذلك قدير .

الاثنين، يناير 16، 2012

ضجيج الذكريات


بين طيات الزمن في خضم الذكريات .
صرت أبحث عن أبلغ الكلمات .. أبحث عن
أنصع الصفحات .. لأكتب عليها ما مضى من ذكريات .
وحديث قد تزاحمت على أبوابه الخطرات .. وترددت الكلمات .
ذكريات قد تهادت إلى غياهب الظلمات ..

الطفولة .. الصبا .. وعنفوان الشباب .. تجسدت فيها الأمنيات .
كلها أصبحت في مخيلتي ذكريات .. وهل تنسى تلك الذكريات .

اقتحمت عالم النسيان .. ثم دقت على ناقوسها أجمل الذكريات .
ابحث عن كياني .. عن أماني .. أبحث مني عن رفات ..
أبحث عن ملاذٍ ألجأ إليه من ضجيج الذكريات .. أبحث عن كوكب كنت
أناجيه في غيهب الظلمات .. وغيوم قد تلاشت في أفق السموات .

أتفقد الليل .. أناجيه .. أسأله هل لازلت تحفظ الذكريات ؟ الكلمات ؟
هل وعيت عني كل تلك الأمنيات ؟ هل سمعت مناد يخترق صوته
الظلمات ؟ يسأل عني أو يبادلني العبرات ؟

ولكن الليل لم يجب .. ولم تعد تلك الأمسيات .. وأحال إلى النهار سؤالي
فأجابني النهار .. هيهات لما سألت فقد عبرت السنوات .. وانقضت على
أحلامنا وتلاشت تلك الأمنيات .

ثم عانقت السحابة بجيدي لعلي أرى فيها من نفحها نسمات .. فترقرقت
فأغاثتني السحابة من غيثها أبرد النسمات .. ثم أعدت للأطلال ناظري
فانسكبت على رباه أحر العبرات .. ثم ناديت على رباها طيفاً طالما كان
أمنيات .. أيها الغائب عني إنما الظلم ظلمات .

الأحد، يناير 15، 2012

ربة الوادي






على ضفة الوادي .. بين عنفوان الزهر ، وقطرات من ندى الليل
ارتوت به الحشائش ، واغتسلت به الأغصان .

حيث تتناغم الطبيعة ، وتأتلف المخلوقات ويهفو الطير ليبني أعشاشه
على خضر الربى ، ويغدو جماعات بألحان شتى تتردد في جنباته .

هناك .. نبتت بذرة الحب ، هناك .. هفا فؤادي ، إليه تأوي روحي ، وتسري
إليه في أحلامي ، وفي غفوتي ، كلما دق ناقوس الذكرى وتواريت عن الوجود
العقلي في سكرات الذكرى ، وخمرة التفكر ، تتوارى مشاعري في شجيرات
وادينا ، وتغيب أحاسيسي في طرقاته ، ومنعطفاته ، لتجدد خطوط الماضي
في أعماق مخيلتي ، وتغيبني عن الحياة لأموت ثم تكفنني في ثياب الحنين
وتواريني في تربة الألم وتعذبني بمطارق البعد والحرمان .

فتحت عيني على ملامح وجهكِ الجميل ، وكنتِ أول من فتح أقفال قلبي
وأول من خط في عقلي حروف الحب ، ونقش وشم الهوى . فامتلأت بكِ
واكتظت بكِ عروقي ، وامتلأت سطوري بحروفكِ ، وتزينت كلماتي باسمكِ .

كنتِ ربة الوادي ، وغزاله الشرود ، وملهمة أطياره ألحان الصباح ، وأنغام
المساء .

كلما ابتعدت بنا الأيام ، ومهما ابتعدت أجدها تتجدد ، ولا زلت أراكِ تخطرين
أمامي ، لازلت أراك تنقشين خطوك على التراب ، وترفلين في ثيابكِ العطرى .

فابتعدي لأزداد لكِ شوقاً .. أواقتربي لأزداد فيكِ هياماً .




http://www.hmseh.com/vb/showthread.php?p=67384#post67384

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More