الجمعة، يوليو 14، 2017

حاملةُ الشَّرِيْمِ ..!

كنتِ تخرجين في الصباحِ الباكرِ والحشائشُ على موعد مع كفيكِ ، تلامسُ قدميك وتغسلمها بماء الطل البائت عليها وتبلل أطراف ثيابكِ ، تكاد الزهور تنحني لدى مرورك عليها والطيور تلقي عليك التحيةٓ من أعشاشها المعلقةِ في أغصان الخميلة التي تنقشين خطْوٓكِ على ترابها .
لازلتُ أعيش ذكراكِ ، وصورتكِ لم تزل ماثلةً أمام مخيلتي وصدى صوتك يعزف في ذاكرة الخيال بعد مرور أكثر من ربع قرن من خروجكِ في ذلك المساء وانهيار بنيان حبنا على أطراف المدينة ، ولازال صوت بكاؤكِ يجزِّئُ أوصالي ويجمد أطرافي ، وتنتابني منه عبرةٌ تختقني ، وخمول يكبحُ جٓلٓدي ويهدم قوتي ، ويشتت كبريائي ويلزمني البكاءٓ حتى تملأ العبرةُ محاجري وتسكنُ حنجرتي ، حتى أشتهي البكاء ثم أكبِتُهُ في أعماقي وأهرق مرارته في صدري ، حتى يبكي كل عضو مني ويتألم كل شعور وإحساس في أعماقي ، ثم أرحل على أجنحة الحنين وأغني على أنغام الأنين إلى عالمك الافتراضي الذي أسكنتنيه بنظرة اختلستها إليكِ ظهيرة جمعة قبل سبعة وثلاثين عاماً ، لا زالت سهامها تتوالى تباعاً وتخترق أضلعي وتقتلع قلبي وتسوره جدار الماضي السحيق الصامت صمت المقابر . 

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More