الأربعاء، يناير 22، 2014

سأهبكِ بعد موتي رفاتي .

    عجزتُ أن أنساكِ أبداً ، وأصبحتْ محاولاتي في ذلك عبثاً ، وإن تمكنتُ من ذلك برهة يسيرة فما هو إلا مجرد وهم يتبدد في لحظة استيقاظ من منام عابر تتجلين فيه أمامي فأستيقظ منه وقد ملأتِ كل جوانحي واكتضتْ بكِ عروقي من جديد ، لتعود الحياةُ إلى ربوع أطلالكِ في كياني بعدما كانت قد هدأت عواصفها وسكتَ ضجيجها ، فيمضي يومي كله في ذكراكِ ونفسي ممتلئة بروحكِ، مكتضة بأنفاسكِ .

رأيتكِ مناماً عابراً تخطرين لي كما كنتِ في شبابكِ وعنفوانكِ ، وتجبركِ الغرامي ، وإحساسكِ العاطفي ، فاهتز لكِ عرشي واكتضت بالدماء عروقي حتى انتبهت منه وأنا أشتم عبيركِ الماضي وأشعرُ بحرارة أنفاسكِ التي هجرتني لعقود متتالية تدفئ جسدي المتجمد في صقيع الهجران والبعاد .

سأعودُ إلى ربوعي وإن ضاقت بي ربوعي ، وعليها سأعيش من جديد .. 


سأعودُ شاباً في داخلي لأكون قادراً على تلقي وحيكِ .. سأستذكرُ حديثكِ الساري إليَّ بقطع من الليل .. سأكونُ قريباً من أطلالكِ كي أزورها كل يوم وإلقي إليها بتحية الحنين كلما وقفتُ عليها أو نظرت إليها .

سأناجيكِ مع أشجارها .. وذراتِ ترابها .. وأسامر باسمكِ أطيارها .. وأستنشقُ عطركِ الفواح في أرجائها .. سأشتمكِ في أزهارها .. وأصبو إليكِ فوق أغصانها ..
سأجثو حيثُ كنتِ تجلسين لعلي أجدُ في التربة دفأكِ .. سأنصتُ بخشوعٍ إلى همس أطلالكِ كي أعيش معكِ في صورةٍ من خيال ثقيل الوطأة ممزوجاً بالحنين .. والأشواق .. والأنين وألم البعاد .. وهجير الجفا .. ولهيب الذكريات .

سأعودُ للعيش بقربكِ على تلال أطلالكِ .. سأعيشُ حباً قديماً .. وعشقاً منسياً ..
سأعيشه من جديد .. سأجدده على ذكراكِ .. مع طيفكِ .. مع خيالكِ ..
سأعيشُ في وهمكِ ولا أبالي ..
ستكون وصيتي إذا متُّ أن يكون قبري حيث كنتِ تجلسين .. حيثُ كنتُ ألقاكِ ..
لتعلمي أنني قد وهبتكِ كل شيءٍ في حياتي .. وسأهبكِ بعد موتي رفاتي .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More