الاثنين، مايو 21، 2012

صدأ ...

 ترى هل تصدأ الأوراق ؟ هل يصدأ القلب ؟ 
أسئلة على طاولة الصدأ .
صدأ هو صدأ وليس ( صدى ) حتى لا تلحن في القراءة 
أو تتهمني بأنني أخطأت في الإملاء أنا أعني الكلمة ( صدأ ) بحروفها ومعناها ومضمونها . 
سأتكلم عن صدأ القلب بحسب ما تمليه علي مخيلتي ، وواقعي الذي أعيشه ، فأنا أتنقل بين الكلمات  وأبحث أن آفاق واسعة أبحر فيها ، أتسلى بالبحث والتنقيب عن الكلمات التي تعبر بجزالة عن كياني والعبارات التي شفي صداها وجزالتها ما يعتلج في أعماقي.


هل تصدأ القلوب .. وكيف تصدأ ؟ 
وماهي أسباب ذلك ؟ 
هل القلب هو الذي يصدأ أم الفكر ، أم الذاكرة أم المخيلة هي التي ترتبك في التصويروالالتقاط والرسم ؟ 
هل من صحة التعبير أن أطلق هذا المفهوم ( صدأ ) على القلب أم أعبر عن عزلته بتعبير آخر ؟
كالهجر مثلاً ، أو الصد أو البعد أو الحرمان ، أم بتعبير آخر قد يكون قريباً ولطيفاً كالران الأخضر الذي يغطي الصخرة 
الدائمة في الماء ( الطحالب ) لطول بقائه في نهر الحب الجارف دون اهتمام ، يتجرع النسيان ، والهجر ويزدرد الصدود ؟ 
أم أن الصدأ قد أتى عليه وتآكل مع العوامل وبقاؤه في العراء مرمياً مهجوراً منسياً . 
شعور في أعماقي كالموج يتقاذف حياتي ، يعلو بها تارة ويخفض تارة أخرى ، ورياح عاتية تعصف بزرع حدائقي وتساقط أزهارها ، وانجراف يهدم جوانب نهري لينتشر ماؤه العذب ويجف في جنبات الصحراء ، أويتقوقع في حفر الطرقات فيأسن ويتغير طعمه ولونه ورائحته . 


لا أدري عن أي شيء في داخلي أعبر وأدون .. 
هل عن الحب والغرام وأتجاهل الزمن الحاضر ، وأكف عن التفكير في المستقبل الغامض ولو أن ملامحه باتت تتبدى
نوعاً ما . 
أم أكتب عن الحاضر والأحداث التي تعصف بالأمة وتكالب الأمم على أمتي ، وضعف أمتي بل تخاذلها ووهنها وحبها للحياة
وكراهية الموت . 
أم أكسر ريشة قلمي وأهريق مداد محبرتي ، وأمزق أوراقي ، وألتمس مضمون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير مال الرجل آخر الزمن شويهات يلحق بها شعف الجبال ( أو كما قال ) . 
أجد قلمي يتأرجح بين هذه وتلك ، وربما يقصر عن تلك ليبقي في الأعماق هموماً مكبوتة وفي الذاكرة صوراً باهتة تصارع 
للخروج والبروز في المخيلة في كل حين .
كلما وضعت رأسي على وسادتي تنهمر علي كزخات المطر فتبدد نومي وتصدع برأسي . 
كلما استويت على فراشي من مرقدي تتبادرني كما تتبادر الذر قطع الحب الصغيرة فتنهشها من كل جانب لتفتتها حتى يسهل حملها ومن ثم اقتياتها . 
إنه الصدأ وليس الصدى .

الاثنين، مايو 07، 2012

صخب الذكريات .



أين أذهب من ذكرياتي ، وتلك الصور الجميلة
التي تخترق جدار صمتي ، وحاجز غفوتي ، وتلك الهمسات
الرقيقة التي تضج في أعماقي ، وتتهدج في كياني ، وتلك الصور
التي تتهادى في سكون ليلي ، كشعاع البرق في ليلة ممطرة
يتخلل السحب ، ويضيء في جانب الضباب ، على خيط الأفق البعيد .

أين أتوارى من أصوات الذكريات التي تتزاحم في أرجائي لها حطيم كحطيم
اللهب في أجزاء جذع يابس ، لها أزيز في سكوني ، وضجيج في هدوئي
تجبرني على الإنصراف إليها وإن زعمت أنني سأتحاشاها ، أو أهرب منها

كلما هربت منها وتظاهرت جدلاً بأنني أشيح بخيالي عنها لا أجدني إلا قد غرقت
في بحرها ، أجدف بمجاديف الأحلام والآمال ، وأشعل في مشاعري نار الآهات
والتحسر .

تشتعل في داخلي كما تحترق الورقة البيضاء ، سرعان ما تغدو رماداً تذروه الرياح .
أين أذهب من ذلك الصخب الذي استولى على سكنات راحتي ، وأقض مضجعي
...
تحيط بي من كل مكان ، وأجدها في كل شيء من حياتي ، في القلم .. على الورقة
في فراشي .. وعلى وسادتي .. حتى في زادي وشرابي .. في ملبسي .. في مناسبات
الأعياد .. والأفراح .. والأحزان .. حتى في سير الأيام واهتزاز الاغصان .. وسامقات الأشجار
في صوت خرير النهر وجلبة السيل في الوادي وفي انتشار الضباب وهو يسح على الهضاب
ويعلو القمة ويكسوها كأنه عمامة شيخ جليل .

كلما صرفت ذاكرتي عن تلك الذكريات لا أكاد أصدق ذلك حتى أجدني في أعماقها ..
أكتب وأدون ، وأحاول التعبير عما يجيش في كياني من زحام وتراكمات من مرور الزمن
وتتابع الأيام ..
أجدني أقف على مشارف الطلل رغم بعدي عنه .. أجول في أنحائه بخيال كله حنين وأنين .
وأعيش فيه خيالاً كما عشت فيه حقيقة ذات يوم ولكن بشعور مختلف عن ذلك
بشعور يكسوه الوجد والفقد .. أعيش فيه وحيداً دون جزئي الآخر الذي طالما حلمت
بأنه سيكون ملتحماً بي يوماً .. ظلتُ أتابعه بجوارحي ، ومشاعري وأحاسيسي البريئة
عاكفاً على محراب تأمله وتذكره .

أخبروني بربكم أين أذهب من تلك الذكريات المحرقة .. وأين أكتم تلك التنهدات العنيفة
هل علي أن أموت كي أرتاح ؟
هل علي أن أعود طفلاً كي أكون بريئاً !
ما أجمل البراءة والطفولة .. ليتني أعود طفلاً لأعيش بنقاء طفولتي وأموت ببراءتي .

السبت، مايو 05، 2012

الرحيل إلى المستقبل الجميل .


أين أذهب وماذا أفعل ؟ 
عندما تجفوني الكلمات ، ويخبو شعاع الأمل ، وتأفل شمس . 
عندما يضيق الأفق أمام ناظري ، وتخبو الشمس خلف أطلال الذكريات .ويموج البحر قمماً من الأمواج المتلاطمة ، ويصخب أمواجاً عاتية .
عندما أسمع دويها وتأرجحها على صخور الشاطئ المضطرب من ارتجاجاتها . 
عندما تذبل الزهرة التي طالما اهتزت وتراقصت على أنغام الرياح الهادئة ، وتنفست بأريج النسمة اللطيفة . 
عندما تموت وردة حمراء  كانت تتوهج في أرجاء بستان الأمل ، ويعبق أريجها في الأرجاء . 
عندما أحضر ورقتي وأمسك بقلمي ثم أستجمع إلهامي ، وأبحر في لجج الكلمات بحثاً عن المفردات التي تعبر عما يجيش في أعماقي ، فأجد أن ذلك يأتي إلي بصعوبة ، وأجد أن أنفاسي تكاد تختنق في لجج الكلمات ، فهل أصابتني عين ، أم رماني حاسد بسواد صدره الحقود ؟ 
أم أن رحيل من حولي وشعوري بالوحدة ، وخذلان من كان معي لي ، صار صدمة قوية فأعيتني . 

أم أن الأحداث الجارية ، والأيام المتسارعة ، والشعور بأن ما سيأتي سيكون مختلفاً كثيراً ، هو الذي حتم علي علي السير في اتجاه آخر ، وأبحث عن مراتع أخرى للكلمات . 

نعم نحن على مشارف عالم جديد مختلف تماماً عن العالم السابق ، نحن على مشارف زمن العودة بعد الغياب .
نحن على جادة العودة إلى عالمنا الصحيح الذي خلقنا له ومن أجله
ولكن هل سننسى كل شيء ؟ 
هل سننسى الماضي ؟ هل سننسى الأحبة أو ينسوننا ، هل سيتخلا عنا أحبابنا ، وهل سينظرون إلينا كأشياء جديدة .
تماماً كما سيكون ذلك العالم جديداً ، أم سنعود جميعاً بقلوبنا إلى حقبة كانت من الزمن الماضي ، من الحب والصدق والإخلاص والوفاء ، عصور الكلمة الصادقة ، والقلوب الصافية ، الطاهرة ؟ 
أم ستطغى على النفوس والمشاعر والقلوب مشارف الساعة ، ومشاعر الوقوف ؟ 

إن الأيام القادمة ستكون جميلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، ستكون رائعة بكل ما في الكون من جمال وجمال ، ولكن ستكون لها إرهاصات ومقدمات صعبة للغاية ، ولن يصل إليها إلا صابر مجالد ، قوي ومخلص ، ولن يصلها إلا ممحص قد عركته أحداثها وصقلته فتنها ، وقارعته مخاطرها ومصائبها ، إنها مرحلة أشبه ما تكون مرحلة الامتحان الانتقالي من مرحلة إلى أخرى ، فمن صبر وثابر اجتاز الامتحان ، وعبر القنطرة ، ومن يئس وتململ وتضجر أخفق وتقطعت به السبل ، ثم انحدر إلى قعر هاوية عميقة ، وتقاذفته الفتن حتى يهلك وقد خسر كل شيء . 

الأحداث تتسارع ، والآيات تتلاحق ، والعبر تمر أمام أعيننا دون اعتبار ، والشواهد تبرز لنا كل يوم ونحن غافلون .
( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) . 
ستبقى الأحبة في الفؤاد وإن رحلوا ، وتبقى الذكريات مراتعاً بعد الرحيل . 
 


شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More