الخميس، ديسمبر 08، 2011

مستعمرة الفراق .



هل أنا الذي أكتب الأحزان أم أنها هي التي تكتبني ؟ 
هل أنا الذي أعيش معها أم أنها هي التي تعيش في كياني ؟ وتستعمر أعماقي ؟ 
أعيش دوماً في تساؤل وتأمل ، كيف صرت للأحزان نديماً ، وصارت لي قريناً .
غادرتني سني الصبا ، وقبل كانت الطفولة ، وعاث في الحنايا عجاج الزمن وغبار الأيام 
حتى توارت عني البسمة ، وإن بدت فقد تكون ابتسامة استغراب ونتيجة لتفكر كانت نهايته
غريبة . 
الفراق مفردة استعمرت قاموسي ، وحياة سكنت جوانحي ، وأنهار اكتظت بها عروقي ، ثم حطمت
بسطوتها جدران كياني ، وهدمت عروش مملكة الحب التي أسستها بمفردي ، وخضت من أجلها معارك
ضارية مع الأحداث ، والعوامل ، والتحديات ، حتى اكتملت في داخلي وبسطت نفوذها على خافقي حتى استوت
انهارت بين أصابع البعد وتفتت تحت أقدام الغدر ، وذابت في عصارة الخيانة .. ثم انتهت مملكتي واصبحت أطلالاً 
وتحول الضجيج الذي فيها وأصبح همساً ، ثم صار همهمة وأصوات أشباح ، وأجدبت في راحتي خضراء الأنامل 
وجفت من مآقي دموع الافراح بعد أن تحولت إلى نار تشوي قسمات وجهي . 

حتى تيقنت أنني للأحزان أخاً بل توأماً ، تحتظنني وإياه أم غبراء شعثاء ، كأنها عجوز شمطاء قد هد حيلها تقادم الزمن
فكيف بربك تتصور ابناً لشمطاء وهو في مقتبل العمر ؟! وكيف لك أن تتخيل توأماً في أحضان عجوز تحتاج إلى الشفقة ؟!

كيف لي أن أكون والحرمان نديمي ، كيف ستكون مفرداتي ؟ هل يعتقد أحد أنها ستكون مفردات مرحة .. أو عبارات منفتحة 
أو قسمات مبتسمة .. إنها لم تعد سوى جلجلة في الأوردة ، ورعشة في الأطراف ، وتهدج في الصوت ، وتوكأ على عصاة 
ليست للمآرب أو الهش على الغنم ، بل ليستند عليها جسد أحرقته صاعقة الغدر وحطمته يد الهجران .

أحاول أن اسعد نفسي ولكنني ما ألبث أن أتذكر أيامها ، وأتخيل صورتها ، وأتلمس جسدها في غمضة أوحي فيها لنفسي 
بأنني أجسها ، أستشعر همسها وصمتها وحديثها ، فأعيد روحي إلى قعر العذاب كي لا تشعر بالسعادة خارج أسوار 
الحب ، ولا تشرب غير نهر الغرام .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More