الخميس، يوليو 08، 2010

عزيزتي :

سلام واحترام ..
سأبدأ الرسالة من عند قولكِ : أعلم أنني أتخطى ... لأفتح لك الضوء الأخضر وأفتح لكِ منافذ الحدود ، وأقتلع السياج لتعبري من أي فج شئتِ فمدونتي أرض أرجو أن تكون خصبة لكِ وتجدي فيها ثمراً يانعاً ، وإن كانت في غاية التواضع والبساطة ، فسيري في أرجائها كما شئتِ فذلك يسعدني ويسرني كثيراً كما تسعدني القراءة في سطوركِ البديعة . 

سيدتي : كنت قد أعددت الرسالة الأخيرة التي أتوقع أن ترى النور في اليومين القادمين إن شاء الله تعالى وهي حالياً بعنوان ( لا تعودي ) وربما سأضع لها عنواناً آخر لعله يكون أفضل دلالة على المضمون . 

سيدتي : قد نكره على أسباب الرحيل أو تفرض علينا فرضاً في حين أننا نسعى لدرئها ودفعها وقد نهدر في سبيل ذلك كرامتنا ونريق ماء وجوهنا ونتنصل من حيائنا ونضع كل ذلك فداء لمن نحب ونجعله رخيصاً في سبيله ، لأننا نؤمن عندما نحب إيماناً قاطعاً بأنه يستحق ذلك وترخص في سبيله القيم وتتغير المبادئ وتختفي بصفة مؤقتة كما نظن ، لأننا نعتقد بأن من نمنحه ذلك سيصبح يوماً جزءاً منا ونرتبط معه بروابط مقدسة لنجد ما أهدرناه في سبيله وضحينا به من أجله محفوظ عنده وسيعيده أو يستبقيه كجزء من كيانه ويبقيه في عهدته فأصبح جزءاً منه وانضم إلىى جناحه ، ولعل من أجل ذلك لا كرامة للمحبين لأنهم يأتمنون من يحبون على كرامتهم ويمنحونهم إياها تضحية وإثباتاً لصدق معتقدهم ومذهبهم ، وصفاء نياتهم تجاه من يحبون ، متجاهلين المجتمع بل العالم بأسره غاضين الطرف مقنعي رؤوسهم ، لأنهم يؤمنون بالتضحية من الحبيب . 

سيدتي : قد يعطي المحب بدون مقابل روحه وقلبه وحياته ، وسعادته ، وكل ما يملك غير مبال ولا مكترث للعواقب ولا يفكر في الثمن رغم أنه من يمنح ثم يدفع الثمن ، فيا لحسرته عندما يعلم أن ما قدمه قد ذهب جفاء . 
لقد كانت ملهمتي ، وكلماتي تتدفق علي سراعاً عندما أدير دفة الفكرة والتفكير فيها فأجدني أغترف من ينبوع عذب وأسير ونهر جار من الثراء في الكلم والخيال الخصب ، فسطرت هنا وفي أماكن عدة أسمى معاني الحب ، لا ابخل عليها بشيء حتى وإن كان في بعضه تذلل واستهانة ، وإهدار كرامة ، وما ذلك إلا لأنني أنطلق من قاعدة ( لاكرامة للمحبين ) في سبيل من أحبوا ، فهم قد أهدوا وأهدروا أيضاً وذلك شرعة ومنهاجاً في دولتهم وقوانين يحكم على من خالفها بالغدر والخداع والكذب والخيانة . 
أفلم يأن لي أن أقصر وأحتفظ بما تبقى خصوصاً عندما أتطلع في الأفق وأستشرف المشارق والمغارب ، وأقف على رؤس أصابعي لعلي اراها وأصيخ بالسمع منصتاً لعلي أسمعها ، وأترقب وأحتال على الأخبار لعلي أجد على النار هدى أوجذوة أصطلي بها من برد الجفاء والهجر والصدود ، ثم جلست على قارعة الطريق وفي مفارق الطرق لعلي أجد لدى المارة خبراً ولكن لا داعي ولا مجيب ( إني وقفت بباب الدار أسألها عن الحبيب الذي قد كان لي فيها .. فقلت يا دار أين احبابنا رحلوا وأي أرض ترى هم خيموا فيها .. فما وجدت بها طيفاً يكلمني سوى نواح حمام في أعاليها ، أجابني الدار يا مسكين قد رحلوا وخلفوني على الأطناب أبكيها ... لله در القائل ) .. فأزداد ياساً واقتناعاً بأنها تريد ذلك وتتعمده .. نعم هي تريد ذلك .. فأنا أفهمها جيداً ولكن لابأس لها ما  تريد إذا كان ذلك يرضيها ويسعدها فما يهمني هو سعادتها أياً كانت العواقب . 

إنني أتوقف عن كل شيء كما توقف عني كل شيء ، اليراع ، الكلمات ، الهمس الذي كنت أسمعه لها ، طيفها الذي كان يزورني في إغماضتي ، حتى روحي التي كانت تنطلق في الآفاق بحثاً عنها أو ساعية للقاء روحها أشعر أنها قد توقفت في مكان ما من الفضاء وتجمدت في مكانها . والمعاني أحجمت عني فبُهِتُ وأخذ مني الإعياء كل مأخذ ، ولعلك تلاحظين ذلك في ما أكتبه مؤخراً فلم يرق للمكانة التي كنت أنشدها وأطلبها ، ولا أجد الرضى به ، ربما هي أوجاع المصاب الجلل . 
سيدتي تلك هي رغبتها أنا مؤمن بذلك فأنا الذي يفهمها ..
نعم متصفحها لا يقبل الأخذ والرد .. 
شكراً لكِ سيدتي فوجودكِ بين سطوري يسعدني كثيراً ثم أعتذر منكِ فقد أجبتكِ باختصار .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More