الاثنين، سبتمبر 10، 2012

عاصفة على سراط السطور .


فتشتُ أوراقي وتسللت إلى سجلات الماضي ، وتنقلت بين خلجات حروفه
وردهات كلماته ، وعبرت على سراط سطوره ، أمسح بعبراتي غبار الزمن المتراكم
على رف العمر ، وأجلو بذكرياتي عجاج الأيام ، كالذي يستقبل طريقاً قد درست معالمه
بعدما كانت واضحة للمارة والمسافرين ، كأني أعبرها في سفر شاق ، حتى أخذ مني الجهد
ووعثاء السفر ، فمسحت من ذاكرتي ما علق من قدم الزمن بذكرياتي ، وجلست تحت ظل التأمل
والإبحار في لجج الأيام ، وغيوم المستقبل ، فلما وجدت نسمة مترقرقة على جسدي المنهك
الممتزجة ببرودة الظل ، ونفحات الهواء العليل ، غفوت على جهد وأخذتني سنة التعب والنصب
فتسللت إلى باطني ذكريات الزمن ، وعاد ضجيج الأيام ، وصخبها إلى ساحتي الهامدة ، الملقاة على
صفيح الذكرى الملتهب فلما تمكنت مني السنة وهمدت النفس وتراخى الجسد ، استيقظ في أعماقي
جوى ، وهبت رياح الذكريات فأزاحت عن الجراح ما كان قد غطاها من هباء النسيان المنثور ، ثم أتت على ما كان قد
التأم من الجراح فنكأتها ، فعادت تنزف من جديد ، وعاد الألم يعتصر الفؤاد ، ويشعل الجسد ، وينهك العقل
ويعتصر الذاكرة .

ربما أنها ذكريات أليمة ، ومواجع تنتفض مع كل لحظة ذكرى ، وحنين يتجدد مع كل إشراقة شمس

وطلوع كل بدر ، واكتمال الشهر ، إلا أنها كانت دواء لفؤادي ، وعزاء لمرادي ، ودار خاوية أهفو إليها لأستمع
إلى رياح الذكريات تخفق في أرجائها ، وتثير غبار الزمن من بين لبناتها ، فتهدأ نفسي لأن ذكراكِ هي
التي تثير كل تلك الطقوس في حياتي ، فأنت مصدر إلهامي ، وريشة قلمي ، وصفحتي الدائم بياضها مهما
كتبت عليها من حروف ، ودونت عليها من ذكريات ، بل تزيد نصاعة وبياضاً كلما نبع فيض من قلمي على سطورها
أنت قدري وأنت الظل اللصيق لبدني وأنت العاصفة في داخلي ، والعماد لعرشي ومملكتي وكيان

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More