الأربعاء، سبتمبر 15، 2010

لحن الذكريات


رجل وادي القمر 
الملك الضليل .
شمس لا تغيب .
مطلع الشمس 

أنا ذاك وذاك وذاك وذاك ... 
ماذا تعني كل هذه الأسماء بالنسبة لي ، وبالنسبة لها ؟ 
لكل منها معنى خاص ، وحياة خاصة عشتها ولا زلت أعيشها ، فاحتفظت بهذه السماء كجزء من كياني الذي لا ينفصل عني حتى الاندراج في حياة البرزخ الطويلة . 
ولكل منها طابع خاص وذكرى جميلة أصبو إليها كلما لفظت اسماً منها ، فتتقلب حياتي في ربوع ذلك الاسم ، وتتبوأ منه المكانة العليا ، وتهيم أفكاري وتغيب ذاكرتي تحت أستاره ، وتعوم فوق غيومه ، وتسير في السماء كالسحاب ، وتعلو في الفضاء كالكواكب الدرية ، وتحلق نفسي في العنان .. بين الغيوم ، وتحت رذاذ السحاب ، تسري مع النجوم السارية ، وتسير مع الكواكب السيارة .

يا للذكريات ويا لجمالها ويالها من شجرة مثمرة ، وجنات يانعة ، وحدائق وارفة ..
حروف أقرأها تمر علي أحياناً لها وقع يؤثر في نفسي ، وتغلغل صداها إلى أعماقي ، كأنني أعرفها ، رناتها وأوزانها ، وألفاظها ، وتراكيبها كأنما هي تنطلق من أعماقي ، ويتلفظ بها لساني فضلاً عن قراءتها ، أنكر وأعرف ، ثم تساورني الشكوك ، ولا اريد أن أجزم ولا أقطع ، ولا أنكر فتبقى نفسي معلقة بخيوط تلك الكلمات ، تتدرج بينها وتتخلل حروفها ، تكاد تذوب تارة ، وتقاوم تارة أخرى ، فلا أمل تام النور لأسير في ضيائه ، ولا يأس حالك الظلام فأتوقف على أبوابه ، ولكن في النفس بصيص ، وفي الفؤاد خفوق .. 
( ويلي من الهجر كم أبلى جسمي وأبقى الدموع تجري ) .. 
نفسي بين جوانحي أقاومها ، وتهاجمني ، وأكبحها فتقهرني ، وأمنعها فتعصيني ، تريد أن تعاود الطيران من جديد ، لتبحر في الفضاء ، وتعود إلى تلك النقطة التي طالما استقرت عندها ، وعاشت في مركزها فترة من الزمن ، لقد تاقت إليها ، فتحركت بعدما كانت قد سكنت وعادت إلى أضلعي لا يأس ولا أمل ، فبدأت تدب فيها الحياة لما وجدت بصيص أمل وحركتها الحروف وهاجت بها الشجون .. 
فيا تلك أفصحي وأشعلي قناديل الوضوح على دربك لتسيري في الضياء ، وتبصري طريقك فلا تحطمي نفساً وأنت لا تشعري ، فليس نفسي بنملة سليمان التي كان لها مسكن فعندما أحدق بها الخطر نادت وأمرت وحذرت وأعذرت ، أما نفسي فلا مسكن لها إلا تيهاً في الفضاء تسير خلف روحك وبها تلتقي ، وعندما فقدتها في لحظة من الزمن هبطت إلى الأرض كالنملة التي شاخت فلم تعد أجنحتها تحملها فتحلق في السماء وتنجو من الأقدام أو أفواه الطيور . 
على عجل كتبت هذه الحروف دون ترتيب أو سابق إنذار إلا عندما هبت النسمة فعزفت على أوتار مجروحة متهتكة في أعماقي فتجاوبت معها النفس بترديد الالحان ، وانساقت خلف الكلمات وانطلقت في الأرجاء تبحث عن العبارات .. 

أنا ذاك وذاك وذاك وذاك ... فقالت : علمت وعلمت وعلمت .. فتركت واحدة ربما هي التي فيها روحي . 

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More