الأحد، أبريل 04، 2010


عودي إلي ...



فاتنتي آهٍ لولا خشية البوح لأعلنتُ في الناس ما أجــدُ

وأعلنتُ على الملأ حبها ولو مادت بي النُـــــــــــجُـدُ

لو تعلمي يا طيفُ بلوعةٍ من البعــــدِ أ كابــــــــــدهـا

وما لقيتُ من فرقاكِ من وجدٍ ضاقت بي الـــــــوُهُــدُ

هل كان ذا التعــــــذيب يا حبي لذنبٍ أحاط بــــــــنــا

أم أن ذاك سحابة صيف دنت منا و ستبتعـــــــــــــــدُ

فهل علمتِ أن الهوى عــــــلى الأرواح مهلكـــــــــة

وأن عـــــــــذاب البعدِ تنوءُ به النفس وترتعـــــــــــدُ .

عــــــــودي ياظبية في سويداء القلب قد رتعـــــــــت

وأطفئي لهيباً خارت به قواي وناء به الجســــــــــــدُ

عِنْدَمَا أشْرَقَتْ شَمْسُكِ


عندما بزغت شمسكِ في حياتي وأضاءت أيامي كنت أشعر بكِ تقتربين مني كل لحظة كما تقترب الشمس من آفاق مشارقها لتلقي بضوئها ودفئها على أرض الله – تعالى – ففتح لكِ قلبي أبوابه على مصاريعها لتدخليه بسلام آمنة ، وإلقاء بضيائكِ إلى أعماقه ، وتمنحيه الدفء والأمان ، فولجتِ إليه من أوسع أبوابه ، وتربعتِ على عرشه وأرجائه ، وبسطتِ نفوذكِ على أرضه وكيانه ، وشرعتِ قوانين الحب والغرام ، وفرظتيها على أقاليمه . ورغم المسافات بيننا والأسوار الوهمية التي يقبع كل واحد منا على جانب منها إلا أنني أشعر بكِ وأجدكِ بقربي ، روحاً وطيفاً وخيالاً ، ولم يبق من الوصل إلا الجسد الذي تركته الروح لأنها لم تستطع حمله لتلقي به بين يديكِ يتملى مما حويتِ من جمال ، ويطرب بما يسمعه من عذب الكلام ، ولقد تمكنتِ من تكبيل قلبي بسلاسل حبكِ وعشقكِ ، وأحكمتِ عليه قبضتكِ ، حتى غدا أسيراً لجيش جمالكِ ، وعساكر غرامكِ . هكذا هو شأن قلوب المحبين تهوى متى أرادت ، ولكنها لا تخرج من الحب بإرادتها بل ليس لها إرادة للخروج من الحب بعد إذ دخلت فيه ، ولكن بعضها يجيد لغة الصدود والتمنع ، وهكذا هو الحب يكتسح القلوب اكتساحاً وعنوة دون استئذان ، فلا تجد بدأ من الاستجابة لسلطانه وتنفيذ قوانينه ، فتتكيف معه لتستقبل حياة أخرى جديدة وتسوسها كما ينبغي لها .
أميرتي : لقد أبحرتُ في هواكِ ، وركبتُ لجج الأمواج العاتية ، ثم هبطتُ إلى غمار بحر حبكِ ، وسلكتُ سبلاً عديدة لعلها توصلني إليكِ ، لأراكِ حقيقة بعد الخيال ، وطرقتُ باب قلبكِ الغض ، لعلي أجد لديك قلباً مفتوحاً لأنضم إليه لتكتنفيني بحبكِ الدافئ ، وجانبكِ الحاني .
أميرتي :لا أخفيكِ أنني أحياناً أعيش لحظات يكتنفها الغموض ، أفراح تسوقها الآمال إليّ ، وتعمقها في نفسي حتى أجدني أسعد من على المعمورة ، لأنني أحببتكِ ، وعشقتكِ ، وحظيتُ بقلبكِ من بين جميع قلوب أهل الأرض ، وحويتُ حواء . فأعيش على تلك الآمال والأحلام ، جذلاً ، أعلل النفس بها وأمنيها بأجمل منها وهو اللقاء والوصال ، وهكذا أعيش مع الأمل ساعاتٍ طوال وأيامٍ وليال ، أتخيلكِ ، وأرسمكِ في شتى صور الجمال وأروعها . وتارة تطويني أحزانٌ وأدخل في حيرة عندما أجدني في عالم خفي غامض ، باهت لا أستطيع أن أتحققه واستبينه جيداً ولم أستطع معرفة أين أنا منكِ ، أفي قلبكِ أم أنني قابع خلف أسواره ، لما أجده منكِ من كر وفر ، وشد وإرخاء ، مما جعلني متذبذباً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء . وسرعان ما تتحول آمال قد بنيتها إلى يأس وخوف ووجل ، فأعود للحيرة من

عشقتكِ عشقاً مجنوناً ، أتخيلكِ ماثلة أمامي جسداً وروحاً ، تحدثيني وأناجيكِ ، وتبادليني الحب ، فما هي إلا لحظات حتى أفيق من حلمي لأجد ذلك طيفكِ زارني في إغماضة عين قصيرة ، وهو يهمس بكلمات الحب والعشق في نفسي ، حتى أنني من شدة تلذذي بتلك الكلمة أفتح عيني بسرعة مؤمناً بأن ذلك حقيقة لأجد المكان خالياً إلا من ذلك الطيف العابر ، فيعود إلي النظر حسيراً . تحضرني صورٌ من أروع الصور وأجملها كنت قد رسمتها لكِ في أخيلتي ، حتى أعود إليها في كل لحظة لأسلي نفسي بها حتى يقدر الله أمراً كان مفعولاً . ولكي أراكِ أمامي ما علي إلا أن أغمض إغماضة سريعة لتظهر وتتجلي أمامي في بهاء لا مثيل له . فأتأملك من خلالها وأناجي طيفكِ عبرها ، جميلة ، وأمل ، وأحلام ، ومنى ، وطيف ، وأطياف ، والغزال ، والبدر ، وأميرتي أسماء قد أسميتك بها وكل اسم تفائلي جميل لتتعرف عليكِ نفسي من خلالها .
أيا شمسي : ماهي إلا أن تمكنتِ من قلبي ، وزججتِ بي خلف قضبان حبكِ وعلمتِ أنني قد وقعتُ في حبكِ وجعلتُه مذهباً لي بين جميع المذاهب ، ولقياكِ مطلباً ، حتى أخذتِ تتقهقرين إلى مشرقكِ من جديد لتغيبي من هناك – كما بدأنا أول خلق نعيده – وتتراجعين شيئاً فشيئاً وكأنكِ تعلنين الفراق والوداع الأبدي ، تاركة آثاركِ في ساحتي ، حباً وغراماً ، وأشواقاً ، وآمالاً ، وأحلاماً ، ممزوجة بالأحزان والآلام والأوجاع ، وخلفتِ روحاً منهكة يائسة بائسة ، انطلقت تبحث عن روحكِ في عنان السماء لعلها تجدها لتتشبث بها وتتبعها أينما سارت ورحلت . لأنها قد ألفتها ، فلما وجدتها رأتها محاطة بهالة من الغموض . كنت أقترب منكِ وكلما اقتربت منكِ تبتعدين ، وكلما شرحت لكِ بوجهكِ عني تشيحين ، وكلما طلبتُ لقاءكِ تصدين ، وكلما كتبتُ وأرسلت لك تتجاهلين وتهربين ، فأجدكِ تبتعدين .. وتبتعدين .. وتبتعدين .. هناك حيث بزغت علي شمسكِ تتوارين عني في أفق مشرقكِ وتعودي لتغيبي من هناك ، ولم تواصلي المضي في فلكك لتغربي غروباً يأتي بعده ليل أقضيه في انتظار إشراقتكِ من جديد في يوم جديد يتجدد فيه الحب ونحلم باللقاء والوصال . أشعر بضيائكِ يخبو ويخفتْ كما يخبو ويخفت ضياء كوكب بعيد في عمق السماء عندمايسطع ضياء النهار شيئاً فشيئاً حتى يبهت ذلك الكوكب ويذوب مكانه في السماء . أشعر بحبكِ ينضب كما ينضب ينبوع الماء عندما يشتد على الأرض القحط والجدب ، وكما يجف النهر عندما تمسك السماء عن بركتها حتى يهلك أهل الأرض جوعاً وعطشاً ، وأنا سأهلك من جوع حبكِ وعطش إلى نهر غرامك . أنتِ تريدين ذلك وتعمدين إليه وتسعين ، بينما أنا لا زلت أحث الخطى نحوكِ وأتبعكِ وأجري وراءكِ كما يجري العطشان وراء سراب بقيعة يحسبه ماء ، لعلي أستطيع إيقاف هذا التراجع والهروب وأحظى بلحظة لين من قلبكِ تعيدكِ إلي من جديد ، وتبقى شمسكِ ساطعة في سمائي دائماً إلى أبد الآبدين إلى أن نذهب كلنا وتغيب شمسنا سوياً . ويبقى فجركِ بازغاً بالأحلام والآمال والتطلعات . ولكنكِ تبتعدين .. وتبتعدين .. وتبتعدين .. وتتوارين هناك خلف الحجب . أما أنا فعلي أن أعيش حيران أسفاً وأبقى ذلك العاشق الهائم التائه بحبكِ مهما ابتعدتِ وتواريت ستبقى ذكراكِ تسليني ، أعزف أنغام الحزن على أوتار الماضي السحيق ، وأعيش على أمل إشراقة لك من جديد . والسلام .

صراع الضمائر





أبالكاف أخاطبكِ أم بالهاء أناديها ؟ شخصية أتحدث إليها كل يوم بل كل لحظة ، وأناجيها في كل وقت ، عند الأصيل ، وفي غسق الليل ، وعند بزوغ الفجر ، وعندما يكون القمر في كبد السماء أستلهم من نوره الحالم صفحة وجهها ومن الليل البهيم سواد شعرها ، ومن وهج النجوم السارية لمعة ثناياها ، فأجدني أخاطبها بعدما ضممتها إلى جناحي ، وجعلتها جزءاً من حياتي ، يزيد بها أنسي ، ويزول بذكرها ترحي وهمي ، وأجدني أخاطبها في كل لحظة وأناجيها ثم أبحر في مناجاتها وأتعمق ، وأتعمق ، وأتعمق يتبع ذلك التعمق هدوء رهيب في نفسي ، أغمض عيني وأشعل في عقلي مصباحاً حالماً هادئاً جداً ، يضيء حولي فأبحر في غمرة تفكير عميق وبصمت شديد أدني من الهمس بل هو حديث النفس .. أناجيها أراها في تلك الإغماضة جالسة عندي ، فأناجيها بكل سكون ثم ابحر من جديد في عالم آخر داخل ذلك العالم ، أتعمق في أعماق النفس استشعر همسها و أتحسس لمسها أصغي إليها باهتمام ، فأسمعها وهي تناجيني ، وتخاطبني ، فأستغرق في تأمل تلك الأنغام الحالمة الآسرة حتى تغطي على ذاكرتي بثملة من خمرة جمالها وعذوبة عزفها . فأضل أناديها وصورتها ماثلة أمامي كأنها جسد حي أشعر بها تتحرك وتتكلم وتبادلني الحديث ، والشعور والحب ، فنبحر سوياً في عالم من الحب والعشق والغرام ، نتيه فيه ولا نتوه ، ننفرد بالعيش فيه وحدنا لا أحد سوانا نتمتع بذلك الصمت والهدوء ، ولا حديث إلا حديثنا ولا همس إلا همسنا . ولما أناجيها أجدني أستخدم طريقتين للخطاب معها فأناديها بكاف تحتها كسرة حتى اشعر بقربها مني وإن كان بيني وبينها حدود جغرافية بعيدة ، لأن المخاطبة باستخدام كاف المخاطبة يشعر بوجود المخاطب فعلاً ، وتشعر بقربه منك مما يشعر بالأمان والقرب منه أكثر وأكثر ، وهذه الطريقة في المناجاة ، تجعلكَ تعيش في عالم واقعي أكثر وتناجي حدثاً ملموساً تكون هذه الكاف حاسة اللمس لديك تلامس أي شخصية تخاطبها من خلالها . وتارة أناجيها بهاء غائبة بعيدة ، فأشعر بأنني قد خرجت من ذلك العالم الحالم الهادئ الجميل ، واستيقظت من حلم كنت أتمنى أن يدوم ، من بعد أنس وشعور بتواجدنا في مكان واحد ، إلى عالم مجهول ، وأرض واسعة الفضاء ، أتيه في فضائها ومساحاتها الشاسعة الموحشة فأجد شعور الغربة والبعد وكأنني أبحث عنها ، من جديد بعدما كنت قد وجدتها ، واشعر بأنها قد ابتعدت عني وزاد البعاد بيننا وتعمقت المسافات بيننا واتسعت المفاوز . فيحدث صراع شديد بين الضمائر وحيرة شديدة ، لأنني عندما أستغرق في مخاطبتها بكاف المخاطبة أجدني معها وهي بالقرب مني تحدثني وتسمعني وأسمعها ، فما ألبث أن أفيق من تلك الوقفة التأملية فلا أجد شيئاً معي فتثب ( هاء ) الغائبة لتحل مكان تلك الكاف ، فأبقى في صراع معهما شديد ، أمل توحي به ( كاف ) ووجل ترمي به ( هاء ) ولم أجد وسيلة لتجاوز هذه الحيرة إلا باستعمال أسلوب الالتفات وهو اسلوب بلاغي يسمح لك بالتنقل بين الضمائر وتحويل الخطاب من ضمير إلى ضمير ومن معنى إلى معنى لتكون لديك مساحة واسعة للتحدث عما تريد ، وتحدث من تريد بوجوه عدة بينما هو واحد فقط . عندما أستخدم في المناجاة كافاً فأنا أخاطبها هي ، وأخاطبكِ ( أنتِ ) وعندما أستخدم ( هاء ) فأنا أخاطبكِ أنتِ وأخاطبها هي وكل هذه الضمائر هي ( أنتِ ، وأنتِ هي ) . خاطرة بقلمي


( م. أ . ف ) .

يوم جديد



اقترب الليل من لحظة الوداع ، يودع الكون إذاناً للنهار بالسطوع على وجه البسيطة ، عندما تتسلل أشعة الشمس الصفراء في استحياء من خلال المشارق ، لتلقي بضوئها وتلقي معه بتطلعات بشر شأنهم شأن النجوم الطوالع ، وكل فرد من أفراد العالم له تطلع وتوجه يختلف عن الآخر وإن اتفقت في جزيئات فهي حتماً ستختلف في جزيئات أخرى . آمال وتطلعات عريضة نجوب الأرض طولاَ وعرضاً لنحققها ، وهي كسراب بقيعة كلما اقتربنا منه ابتعد وربما ذهب وزال ، نعلم أشياء ونجهل في مقابلها أشياء ، نعلم الرزق ونجهد أنفسنا في البحث عنه والجري خلفه في ملحمة طويلة لا تنتهي ، نسعى لجمع المال ونبسط يدنا لنأخذه ، ونغلها كي لا نعطي منه شيئاً لأهله الذي لهم في أموالنا حق معلوم - السائل والمحروم - نبتهج عندما نسمع طنين الدراهم والدنانير تتردد في سمعنا وكأننا حزنا الدنيا وما عليها وفي المقابل أغفلنا جانباً آخر طغى عليه هذا الجانب الذي كرسنا جهودنا من أجله ، أغفلنا شيئاً يطلبنا كما نطلب رزقنا ، تجاهلنا الموت الذي له في كل لحظة صرعى ، وضربات سيف لا تنقطع أبداً ولن تنقطع حتى تأتي على كل من في الوجود خلا الله سبحانه وتعالى ، فهو يأتي الديار زائراً متلطعاً إلى وجوه أهلها يتحققها ويتوعدها بصمت ، ولسان حاله يقول والله إن لي هنا لصرعى وقدوم مستمر حتى لا يبقى أحد فيها .أما نحن فقد فرحنا بصباحنا الجديد وانتشينا بنسيمه العليل ، واستنشقناه فرحين مرحين لا عبين لاهين ، حتى إذا حصلنا على ما نريد زاد الجشع والطمع فهرولنا من جديد لنجمع الكثير والكثير من ذلك الحطام والحطيم - ياحسرة على العباد - غفلة ، ونسيان ، ولعب ولهو ونسينا دورة الأيام ومصارع القوم تحت أقدام هاذم اللذات . يوم جديد لا ندري هل نتمه ، لنسمع نداء المغرب أم هل تختصر حياتنا عند زاوية من زواياه فنصبح في لحظة خبراً بعد عيان . .

بقلمي ( 757511641111711199 )

وتبعتها الروح


فوا أسفي تعلقت بها النفس وتبعتها الروح عندما توارت خلف أفـق بعيد ، أنظر إليها وهي تتهادى أمامي وتبتعد .. كما تبتعد الشمس عند الغروب حتى تختفي مخلفة الشفق الأحمر خلفها ، أما هي فلم تخلف شفقاً أحمراً جميلاً أو أصيلاً حالماً ، وإنما خلفت جمراً ولهيباً من نار الفراق والبعاد ، وتركت خلفها قلباً صريعاً ، يثعب الدم من جراحه المفتوحة ، المهلكة ، فظل ينزف وينزف حتى خارت قواه ، وضعف حيله وقلت حيلته ، وبقي معلقاً بين الحياة والموت ، فلم يمت ليستريح ، ولم يجد القوة للصبر والجلد على ما أصابه . وخلفت جسداً نحيلاً هزيلاً ، من يراه يعتقد أنه يفوق الثمانين حجة . وخلفت عيوناً زائغة تنظر إليها وهي ترحل في غموض رهيب ولا تحير جواباً ، شاخصة إلى خيالها وهو يذوب ويضمحل في خيط الأفق البعيد . أنظر إليها وهي تسير ببطْ ، وأمد إليها يدي وأنادي بصوت خافت لا يكاد أن يخرج من حنجرتي ، وثقل لساني ، وكلما ابتعدت يزيد تلوعي وتحسري ، وأكرر النداء ، ولكن لا جدوى ، فهي تبتعد ، وصوتي يتناقص ، حتى لم يعد يسمعني حتى من كان بجانبي . تأبى علي الكلمات وأنا أكتب هذه الأسطر المتواضعة أن تأتيني ، لما لها من وقع شديد على القلب والقلم ، كوقع الصواعق على جلاميد الصخر ، فلا تكاد تحتمله ، ولا تستطيع أن تفي الحدث حقه من التعبير والإيضاح والإفهام ، فأخذتها عنوة وقسراً ، وهي تتهرب من قلمي كما يتهرب الماء من راحة اليد .

فاتـــنـــــتي .. مهلا


السلام عليكم أعلم ما بيننا من جفاء وصد ، وشيء من العناد ، والمكابرة ، ولكن يعلم الله أن كل ذلك ليس لي فيه يد ، ولم أدرِ ما سببه ، وكيف اختـــلـقـــتيه لفنسكِ ، وجنيــيتي علي به ، فقد لقيت من المتاعب والآلام من ذلك التصرف ما الله به عليم ، وها أنا أسعى جاهداً حتى أعلم بالأسباب التي دعتـــكِ إلى هذا الجنوح والميل - إن تراني تميل عني كأن لم يــكُ بيني وبينها أشياء - فعذبــتـيـني بدون ذنب اقترفــته وأنا أعلمه ، إلا إن كان هناك أمر أو خطأ ارتكبته فذلك بغير علم مني فكيف تعاقبيني وتحاسبـيـني على ما لم أعلم ، دون أن تساليني عن موقفي مما دعاكِ إلى هذا الصدود ؟كتبتُ ذات مرة رسالة فيها شيء من الكلام عن الرحيل والوداع ، ولكن ليس بهذا المعنى تحديداً ولكنني تكلمت عن حالة من الحب مـتأخرة رأيتها وشعرت بها نـتـيـجة لصدودكِ وهجركِ الأخير دون مبرر ، فوجدت شعوراً غريباً فأحببت أن أكتب عنه وهو لا زال قائماً بالنسبة لكِ ، فأنا أراكِ تبتعدين كلما اقتربتُ منكِ ، وتشيحين كلما حاولت أن أنظر إليكِ ، وكأن بيني وبينكِ عداوة قديمة لا يمكن معها صلح ، أو عودة إلى جادة الصواب ، وها أنت حتى هذه اللحظة لا زلتِ تتمنعين وتصدين عني مع أنني أعلم بأن لديك من الحب كما لدي ولكنها قلوب النساء القاسية ، تحكم قبل أن تعلم ، وتهرب قبل أن تتروى وتتأكد من أمر . فاتــنــتي : أنا لم أكتب تلك الرسالة إعلاناً للرحيل ، أو بدءاً بمراسم الوداع ، أو هروباً من حب أنا من أسسه واخترعه ، وقد ثــبـت في فؤادي كما ثـبـتـت في راحتي أصابعي ، وبه ألفت ودونتُ ، وعزفتُ أجمل الألحان وتغنيتُ بها ، وبه نظمتُ أجمل كلمات الحب ورتبتها ورصصتها لتكون لائقة بوصفكِ ومؤدية للمعنى الذي أريد ويليق بكِ . وإنما كتبته لأشرح واقعاً أعيشه وحقيقة ألمسها ، ولأعبر عن مدى حبي وإخلاصي ، وخشيتي مما أراه من تصرف قد ملتِ إليه وجنوح وقرار اتخذتيه دون مبرر ولا علم مني بأسبابه ، فخشيت أن يتحول ميولك هذا إلى حقيقة كاملة وهجر ووداع أبدي فأصبح بسببه صريعكِ وقتيلكِ ، جنيت علي دون رحمة ومارستِ معي أشد أنواع التعذيب والقسوة ، فأصبحتُ ضحية حب بريء . لم ولن أنساكِ ، ولن أتلون في الحب بعدة ألوان سوى ألوان التـفـنن فيه والابتكار وإظهار ما يعتلج في أعماقي من حب تليد . مهلاً فاتنتي :لا تتسرعي في حكمكِ علي فإنما الزلة في العجلة ، والعجلة في مثل هذه الأمور توقع ضحايا أبرياء ، ليس لهم ذنب غير أنهم أهدوا أرواحهم وقلوبهم لآخرين وحكموهم فيها . فأنتِ المنى والروح التي تسري في جسدي ، وأنت القلب الذي ينبض بين أضلعي ، اشعر بالقـلق والحيرة إذا غبتِ عني ، ثم تعود إلي الحياة من جديد إذا عدتِ ورأيتكِ حتى من بعيد ، فتطمئن نفسي وتعود إلى هدوئها وكأن شيئاً لم يكن فمهلاً يا فاتــنــتي فأنا أحبكِ ولا زلت أحبكِ وسأظل أحبكِ ، في قربكِ وبعدكِ ، وهجركِ ، وصلكِ ، وإقبالكِ وصدكِ وإدباركِ ، سأظل عاشقكِ المتيم ، ومغرمكِ الهائم ، أجل أنا أعشقكِ ولن أترككِ . والسلام .

مع تحياتي ( م . أ . ف )

كيف دخلتي حياتي





كلما جلست وحدي أغمض عيني لأبحر في عالم نسياني ، أسترجع ذكرياتي الماضية ، الجميلة والسعيدة والشقية ، لا استثني منها شيء ، لأن الإنسان إذا أخلد إلى التذكر فيما مضى فإنه يطلق لخياله العنان يسير في حرية مطلقة ، يجوب أفاق النفس من خلال الحياة ، ويجوب أعماق الماضي السحيق ، فيأتي لنا بشيء لم نعد نذكره وقد أصبح طي النسيان ، والشريط الزمني يسير أمام مخيلتي وأسـتعرض كل أحداثه دون استثناء ، في نظام عشوائي فتارة أجدني أتذكر أموراً قبل خمسة عشر عاماً ، وتارة أتذكر حادثة قبل عامين ، وهكذا ، والذكريات تمر في ذاكرتي بحلوها ومرها .
ولكنني عنوة أقطع تلك الأفكار القديمة التي قد أكل عليها الزمن وشرب ، ولم يعد تذكرها إلا آهات وتنهدات تزيد الحسرات والأنات ، وأعود إلى الذكريات الجميلة الحديثة ، فتخطرين على راس تلك الذكريات يا فاتنتي ، فأستغرق في تأمل هادئ ، وسكون رهيب حتى أن من يراني يعتقد للوهلة الأولى أنني قد فارقت الحياة لشدة سكوني واستغراقي في تلك الذكريات الجميلة ، ذكراكِ ، أنتِ يا معذبتي ، وأنتِ تعلمين أنك قد سللتي علي سيفاً قاطعاً واحتزيتِ به قلبي ، وأطلقتي علي سهاماً من حبكِ .
فأتساءل كيف دخلتي حياتي ؟ وكيف أحببتكِ ، وأنا لم أركِ ، ولم ألقاكِ ولم أسمعكِ أيضاً ، ولكنني أجد بين شراسيف جوفي قلباً يحبكِ وينبض بكِ ، مع أنني حتى اسمك لا أعرفه سوى أطيافكِ تمر علي جعلت لها أسماء جميلة ، أناديكِ بها أثناء مناجاتي لكِ ، فتعرفت عليكِ النفس بها . ثم أتساءل ايضاً من بدأ بهذا الحب ومن منا أخذ يحاول أن يخبر الطرف الآخر بحبه له ، هل أنا الذي أشعرتكِ بأنني أريد أن أحبكِ بطريقة أو بأخرى ، أم أنكِ أنتِ من سعى حتى تعلق قلبي بكِ لسبب أو لآخر أيضاً .
أمر محير أن أجدني هائم بكِ دون مقدمات ، ولا معرفة ، فاقول إن في الأمر سر ، وهذا هو الحب الحقيقي من وجهة نظري الشخصية ، لأنه تضحية حقيقة نقدما أنا وأنتِ ، لا يعرف أي منا شيئاً عن الآخر ومع ذلك يجده يهيم به ويعشقه ، ولو التقينا سيسلم كل منا للآخر قلبه ونفسه يفعل بها ما يريد ، هذا هو الحب الطاهر العذري ، الحب العفيف الذي لم يتأسس على زيف ولا خداع ولا كذب ، لأنها روحينا اللتان اسستاه ، فمن الأولى أن يكون حباً روحياً وتلاق روحي قبل أن يكون بنظرة أو ابتسامة ربما تكون مخادعة . لا زلت أكرر بأنه تلاق للأرواح في عالم آخر فتتآلف وتتجاذب ، ثم تعشق وتهوى وينعكس ذلك على الأجساد التي تسير في الأرض بدون روح فالأرواح قابعة هناك في عالم آخر . إنه حب يا غانيتي أعتز به وأجده يسري في جسدي ، ويجري في عروقي ، ولن أتخلى عنه مهما حدث من أمر ، ولن أنصاع لحالة من الجفوة والجفاء حدثت بغير إرادتنا ولا ندري عنها ، فأنا ومهما شعرت أنكِ تجفينني أحبكِ حباً قد
ربما يقودني للجنون يوماً ، لأن هذا الحبفريد من نوعه ، ويستحق التضحية حتى نصل إلى ما نريد في يوم من الأيام ، ولتعلمي ذلك ، ومهما ابتعدتِ وهجرتي وجفيتي أنني سأبقى منتظراً عودتكِ إلي من جديد ، فقد أضر بي الهجر والبين ولم أدري له عن سبب وجيه ، ولم أجدني اقترفت ذنباً استحق عليه هذه المعاملة القاسية ، الجائرة منكِ . فعودي إلي يا أميرتي فأنا أحبكِ ، وقد عدت إليكِ بينما أنا في الأصل لم أكن سبباً في هذه الجفوة التي حصلت بيننا ولا أدري لها عن سبب . عودي يا فاتنتي فأنا بانتظارك
.

مع تحيات

757511641111711199

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More