السبت، سبتمبر 07، 2013

قضاكِ لغيري وبحبكِ ابتلاني .



وها أنتِ قد رحلتِ كالأصيل ، وتواريتِ كالشفق .
وملتِ كما تميل الشمس إلى الغروب لتتوارى بين
أمواج الدجى وآفاق الأكوان .
وابتعدتِ كالأفق الممتد كالطوق في جيد السماء .

كزهر نيسان كنتِ ، المترنم على أنغام النسيم الذي
عزفت على أوتاره أطيار الصباح ، ثم أصبحت كالوردة
التي ذبلت وزال عنها لونها وجمالها وعطرها .

رحلتِ كما يرحل نسيم الصباح ويذوب في هجير النهار
ثم أصبحتِ سراباً في كبد الصحراء .

بعيداً .. بعيداً .. في الزمن الموغل في القدم ، والأيام
المحثة في السير والتولي .. هاجرتِ وهجرتِ .. تسللتِ
كالجدول الصغير المنساب بين العشب الممتد على ضفتيه .

أتساءل عن نومي .. وأيامي .. والليالي الطوال التي قضيتها
في الكرى .. وعن عمري الذي رميت كل تفاصيله بين أحضانك
وقيدته بين أناملك .. وعن أحلامي التي طالما تعالت في السماء
وحلقت في طيات الضباب ، وعانقت قمم السحاب .. أين وكيف ذهبت ؟!
وكيف جفاني هجوعي ، وانسابت قصراً دموعي .. فلم أجد إجابات عن تلك التساؤلات إلا مقترنة بكِ .. بأيامكِ ، وخيالكِ ، وهمسكِ ، ولمسكِ . وحياتكِ فهل سرقتِ مني كل ذلك ؟!

لا .. لم أشأ أن أنعتكِ بالسرقة ولا أستطيع أن أقول عنكِ سارقة ، حتى إذا حاكمتكِ في محكمة الدهر لا تحكم عليكِ بحد السرقة لأنني لا أريدكِ إلا كاملة متربعة كعادتكِ على عرش مملكتي وأنتِ فيها السلطان والخصم والحكم .
ولن أقول عنكِ قاتلة حتى لا تحكم عليكِ بالقتل لأنني لا زلت أريدكِ وأهيم بكِ .. أريدكِ حية حتى تستمر تطلعاتي ، وتعلو آمالي ، وتنبعث ذكرياتي بإلهامكِ ووحيكِ الهاتف في خلواتي ، ولا زلتِ في كياني مهما ابتعدتِ وجفوتِ .

سأقول عنكِ خاطفة .. نعم خاطفة لأحميكِ من قتلة الزمن
وهذا المعني يتوافق مع مبادئكِ وقضيتكِ وجنايتكِ ، لأنكِ
قد خطفتِ كل ما لدي من قلب .. وروح .. وعمر .. وصبا
وشباب .. وكل ما أملك ، فالخاطف سيذهب ويتوارى عن الملأ
ويختفي ليعيش حياة مستقلة بعيدة عن المكان الذي الذي ارتكب
فيه جريمته ، يعيش بما قد استولى عليه ولا أحد يستطيع
الوصول إليه تماماً كما قد فعلتِ .. نعم أنتِ كذلكِ ..
قضاكِ لغيري وبحبكِ ابتلاني .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More