الاثنين، يوليو 30، 2012

باختصار : أنتِ في كل شيء في حياتي .






تحتويني ذكراكِ أم تحاصرني ، لتبعث الدفء في جسدي والحياة في أوصالي  وأيامي ، أم لتقلبني على صفائح الحنين والشوق والذكريات أم لتقتلني ببطء حتى أموت حباً ثم تبعثني من جديد لتعيد قتلي وتعذيبي حتى تحين ساعتي .
في كل أطياف حياتي وطقوسها أنتِ ، وأشكالها وألوانها ، وعذبها وأجاجها ، وحلوها ومرها . أنتِ في ألواني الناعمة الزاهية ، وفي ألواني الباهتة والقاتمة ، أنتِ في مشاعري الساكنة والهائجة . أنتِ في كل أمر من حياتي ، وفي كل شأن من شؤوني ، تتوارين تارة حتى إذا هدأت زلازل في كياني وأعماقي  تظهرين من جديد . وتطغين على ذكرياتي وتقتحمي ذاكرتي ، حتى لقد بتِ جزءً من حياتي لا ينفصل عنها ، تتراءين لي حتى لولم أرد ذلك .
أنتِ في رذاذ الغيوم التي تلبد السماء وتحجب أشعة الشمس الحارقة عن الأزهار والأغصان لتبللها برذاذها حتى ترتوي وتتراقص في نسائم هواها العليل . أنتِ في ذرات المطر عندما تنساب من غيمة توقفت فوق أرض جدباء لترويها بمزنها بعد طول غياب فارتوت - واهتزت وربت وأنبتت من زوج بهيج - لأن حبنا ارتبط بالمطر يوماً  فأصبح باعثاً لذكراكِ كلما هطل .
أنتِ في صوت الرعد عندما يشق السماء ويدوي في الأصقاع وامتلأت بدويه جنبات الوادي لأن العهد الذي أطلقتيه لي بأنكِ ستكونين لي دون غيري -  والذي خنتيه فيما بعد - ارتبط به فصرت أتذكركِ وأطلق أقوى زفرة كلما سمعت قصف الرعد أو رأيت وميض البرق يشق ظلمة الليل في الأفق البعيد في ليلة ممطرة ، ترنو إليها النفس وتهفو إليها المشاعر . ولا زال حبكِ يتجدد كلما سمعت صوته أو رأيت وميضه حتى صار الرعد جزء من ذكراكِ .
أنتِ في رائحة التراب عندما تبلله السماء بغيث منهمر سخي  ويختلط بذرات المطر
بعدما اشتاقت له أرض قاحلة غاب عنها وابل الغيث العميم ، لأن لحظة من لحظات اللقاء عشناها تحت زخات المطر ، ففاحت رائحة الأرض المتعطشة  فاستنشقناها كأعطر رائحة على الإطلاق ، فأتذكركِ كلما شممت رائحة التراب تعبق من خلال زخات المطر
أنتِ في رائحة الأشجار الزكية عندما تستقبل وابلاً من السماء ترتوي من غدقه وتنشرها حبيبات البرد كأنها تثيرها لتعطر المكان وتبعث البشرى في النفوس بحياة هانئة جميلة ، لأن للأغصان حضور لأجمل لحظة من لحظات حبنا كتبناها سوياً تحت رفرفة أغصان الوادي الجميل .
أنتِ في هدوء الليل الساكن وحشة أو وقاراً ، قد تلألأ فيه قمر وهو يشق مشارق سماء مظلمة ليبدد ظلمتها بنوره الخافت الوقور وهو يسري في سماء صافية وحيداً إلا من نجوم وكواكب يتيه بينها جمالاً كأنه سيدها أو كأنها حسناوات تزفه لمملكته وعرشه . فأصبح القمر رابطاً بيني وبينكِ كلما أطل بخجل من مطلعه وتاه في عنان السماء .
أنتِ في خيوط الشمس الذهبية عندما تشرق في ساعات الصباح الأولى فتلقي على الأرض تحية إصباح جديد كأنها ترمي عليها أوشحة من ذهب هدية يومها السعيد ، قبل أن تبث دفأها في أوصال المعمورة ، ولي في تلك الأوشحة الذهبية ذكرى لكِ باقية إلى الآن لأن موعد اللقاء قد حان بعد انتظار طويل في ليل السهاد والكرى .
أنتِ في صوت العصافير المغردة فرحاً على أغصانها تصدح بأعذب الأنغام والألحان فيتنتشي ارجاء الوادي وتتناغم مع تلك الألحان العذبة ، وتهتز الأغصان وتتراقص الأعشاب طرباً وكأنها ترقص على إيقاعاتها في تناغم جميل
أنتِ في خضرة الزرع والعشب ، أنتِ في أنغام العود الشجية ، عندما تهتز أوتاره بين يدي فنان بارع يأسر السمع واللب بتقاسيمه وترانيمه .
أنتِ في كل جزء من عمري وبين طيات حياتي ، أنتِ في ذاكرتي وكل ذكرياتي . أنتِ في مداد قلمي وبين سطور أوراقي ، وبين طيات كتبي وفي أجمل قصص حياتي . باختصار أنتِ في كل شيء من حياتي .


الثلاثاء، يوليو 24، 2012

تيه في سماوات الرحيل .


في دقائق أيام عمري وثواني حياتي لك بصمة قد ثبتت تكاد تكون جرحاً خامداً تبعثه عقارب الزمن كلما مرت عليه . 
وكلما ابتعد الزمن أخال أنني قد أشفى من ذكراك ، وأرتاح من معاناة حبكِ وهواكِ ، ولكن ذلك ما يزيدني إلا شقاء بكِ 
وفتنة أعيش في أهوالها كلما ابتعدتْ زادتْ وتمادتْ . 

في كل لحظة من لحظات العمر ، لكِ حيز لا يشغله سوى ذكركِ ، وتجوال الخيال ورنين الذكريات في ماضيكِ ولقياكِ 
وفي كل مفاصل الأيام والشهور وكذلك السنين تعيشين ويتجدد ذكركِ حتى لكأنه يخيل إلي أن تلك اللحظات الغابرة إنما هي 
حادثة اللحظة ، فيتبدد حلم النوم في غيب النسيان ، وتستيقض الذكرى على وقع رنين ناقوس الذكريات الغابرة ، المارة بين 
سطور العمر ، وصفحات الزمن الغابر . 

آمنتُ يا من أسرتِ كياني ، وسلبتِ لبي الآن بأن نسيانكِ ضرب من الجنون ، وحقيقة راسخة في أعماق المستحيل ، رغم بعادكِ
وغيابكِ ، وجفاؤكِ . 

رغم رحيلكِ الأبدي ، وربما نسيانكِ لي ، يستحيل على ذاكرتي أن تطهر من عبقكِ ، وعبيركِ ، ويتعذر على مسمعي أن يلفظ صوتكِ وعلى ذاكرتي إزالة تلك الصورة التي قد رسمتها  لكِ عيني ، فلم يعد في شريط الذكريات إلا صوركِ تدور وتظهر في كل إغفاءاتي وتضج في كل سكناتي ، تنتابني خطراتها كلما أسلمت جنبي للنوم ، حتى أغفو على وقع قدميكِ في أرجاء أطلالي . 

آه من الأيام كم هي سريعة الذهاب ، والرحيل ، ولكنها لا ترحل من حياتنا كفافاً ، بل تذهب وقد تركت لنا سجلاً حافلاً بالأحداث ، فنسيناها ولم ننس ما تركت لنا وما دونت في سجلاتنا ، فكم آمالاً تلاشت وأحلاماً تبددت ، وذكريات ترسخت في الأعماق ، وآلاماً أوجعت، ثم توجت ذلك بصفحات من البعاد مليئة بكلمات الحرمان


رحلتِ عني وتركتِ في أعماقي جرحاً غائراً تنكؤه لحظات العمر وأنين الذكريات ، وخلفتِ لي قلباً سقيماً ينبض بدماء البعد وآلام الفراق وتركتِ لي جسداً منهكاً أهلكته يد الجفاء وصرعات الفقد ، وعقلاً تائهاً في سماوات التأملات والخيلات  . 
فإن كنتِ قد رحلت بجسدكِ وغبتِ عني بكيانكِ فلم ترحلي عني بحبكِ والوفاء لكِ بعشق أبدي سيظل مسيطراً على كياني .



شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More