الاثنين، مايو 02، 2011

ركوب الموجة والفوضى الخلاقة ( الحلقة الثالثة )

 ركوب الموجة والفوضى الخلاقة ( الحلقة الثالثة )

لا يزال القذافي يراهن على البقاء على عرش ليبيا الحزينة ، التي دخلت انضمت إلى الدول العربية الجريحة وحلت بها المأساة من حيث لم تحتسب ، ولم يتوقع الليبيون بأن شخصية القذافية أبعد من المتعجرفة الممقوتة ، والسلطوية المتغطرسة ، وربما أنهم لم يحسبوا حساباً لهذه الأحداث الجارية وأعتقد أنهم ظنوا بأنه سوف يرضى بالأمر الواقع ويسلم عندما يشتدوا عليه ، وأن الأمر سيتم بسرعة وسهولة كما تم في تونس ، ومصر العربية ، فلم يحسبوا حساباً لصاحبهم الذي من المفترض أنهم الأدرى والأعرف به ممن غيرهم ، كونه حكمهم ما يقارب الأربعة عقود ، وربما ظنوا أنه ذلك المواطن الصالح الذي يحرص على مصلحة الوطن قبل الشعب ، ويحب مواطنيه كما يحبوه ، فإذا به يقلب لهم ظهر المجن ويخيب ظنهم به ، عندما انقلب عليهم كوحش ضار ، يقتل بلا رحمة ويهدم بدون مسؤولية ، ويدمر بكل عداوة وبغضاء وحقد ، كي يعيد ليبيا إلى العصور الحجرية وما قبل التاريخ ، ويعيدها إلى الصفر فإذا علم بأنه قد دمر أكبر قدر من المكتسبات وأهدر مقدراتها فعندئذ سيسلم ويحتال لنفسه للخروج منها وقد شفى غليله .

يظن أن باستطاعته البقاء بسلطان القوة والقهر والجبروت ، وإجبار شعبه على الرضى به والتسليم له ، فتسلط على من استطاع من الليبين واتخذهم في صفه وهم على وجل منه وبين أمرين أحلاهما مر ، فإما العصيان والخروج ضده ، وفي هذه الحالة سيعرضون أنفسهم للانتقام والقتل والتعذيب ، وإما الوقوف معه ضد بني جلدتهم وإخوانهم ، مكرهين على ذلك ، وهذا ما تم له بالفعل ، فهو لا زال يسيطر على طرابلس الغرب ، وما جاورها من المدن التي تتركز فيها قواته وترسانته ومواليه من المرتزقة .
فأجبرهم على الوقوف في صفه ليس حباً فيهم وليسوا مؤيدين له ولكن ليجعل منهم دروعاً بشرية يلقي بها أمام الآلة العسكرية الأطلسية ، ليتفادى القصف الجوي وليوهم العالم بأنهم الشعب الليبي الحقيقي وأن من خرج عليه ليسوا سوى جماعات من تنظيم القاعدة أو مجموعات تخريبية تنفذ أجندة خاصة كما يقول ، وليقول لحلفائه من الغرب بأنه هؤلاء هم تنظيم القاعدة الذي طالما زعزع أمن أوروبا ، وأمريكا ، وكذلك صار ذريعة للتدخل الأنجلو أمريكي في الوطن العربي والإسلامي ، وكأنها كرة يرمونها في اي ملعب يريدون ليجروا خلفها ويقذفونها في ملعب من أرادوا من الدول العربية .. فكأن القذافي يريد أن يستفيد من هذه المسألة ويستميل الغرب معه .. ولكن يبدو أنه لم ينجح ولم تنطلِ حيلته على أحد وربما أن حلفاءه الغربيون تيقنوا أنه لم يعد في بقائه مصلحة لهم وأن شرعيته قد انتهت ولم يعد لاستراتيجيته بالنسبة لهم أي أهمية وهي الاستراتيجية التي التي اعرتف بها أوباما من أنه حليف قوي ضد الإرهاب كما يقول .. وأنه لا عب مهم في الحرب على الإرهاب ولهذا لم تتدخل أمريكا في العمليات العسكرية الجوية ضده ربما أنه من هذا المنطلق ، وتركت الأمر لحلف شمال الأطلسي ( الناتو ) الذي بدوره لم يؤدي عمله كما ينبغي ، بل ربما أن وجوده وتدخله في الشأن الليبي زاد الأمر تعقيداً وسوءاً ، وهذا يتجلى في الإبطاء في عملية الحسم من خلال إطالتهم لأمد الحرب وكلما رجحت كفة أحد الطرفين تخاذلوا ليستعيد الطرف الآخر قوته ويلتقط أنفاسه من جديد ، فأصبحت الحرب الليبية الليبية كر وفر لا غالب ولا مغلوب والمدنيون هم الضحية في هذه الحرب ، فإذا تقدم الثوار واقتربوا من معقل القذافي وحسم الأمر ، ترك الحلف الحرية لقوات القذافي فألقى بكل ثقله على هؤلاء العزل إلا من سلاح لا يساوي شيئاً أمام عتاد القذافي العسكري ، ومرتزقته الذين ليسوا ليبيين مما جعلهم يعيثون في الأرض فساداً لأنها ليست وطنهم وليس الليبيين أهلهم وليسوا من بني جلدتهم ، فجاسوا خلال الديار وعلوا علواً كبيراً .

ولقد كان صريحاً وواضحاً عندما أشار بكل وضوح بأن لديه الملايين وليس من ليبيا بل من الأمم الأخرى كما قال ذلك أمام العالم في أول خطاب ألقاه وهو قابع في دهليز خرب تم تدميره في أول بداية الثورة الشعبية فقال بالحرف الواحد : ( أنا معي الملايين وليسوا من الداخل ، معي الملايين من الأمم الأخرى ) وهو يقصد بذلك الأمم الإفريقية التي طالما تبجح بقوله بأنه ملك ملوك إفريقيا .
وأعلن بأن هؤلاء المرتزقة سيزحفون على ليبيا ويطهرونها شبر شبر وزنقة زنقة وغير ذلك من التجزئة للأرض الليبية ، ثم قال في خطابه :
( دقت ساعة الزحف ، دقت ساعة الانتصار ، دقت ساعة العمل .. إلى الأمام .. ثورة ثورة ) والمتأمل لهذا الكلام يدرك أنه نداء من طرف خفي واستنفار لهؤلاء المرتزقة وهم الذين عبر عنهم بالملايين من الأمم الأخرى ، وكأنه يناديهم ويستنجد بهم .. ولتبدأ المأساة الليبية ، ويدخل الليبيون في متاهات الحرب الكل فيها خاسر .. فإزهاق للأرواح ، وتخريب وتدمير الممتلكات ، ومقدرات ومكتسبات الشعب ..

إلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More