الخميس، نوفمبر 17، 2011

صراع في الأعماق


عندما يتمرد البوح وينبري الكلام في الاسترسال ، تهتز جوانح القلم فيستجيب لرعشات الخواطر ، فيدونها ، بأحرف ملتهبة بالمشاعر أيا كان نوعها المهم أنها جياشة تتلاطم أمواجها في أنحاء النفس ، فتغدو طافية على خضم أمواجها كباخرة تمخر لججها وتشق عرضها مبحرة في عالم سحيق من الماضي البعيد .

كيف لنا أن نرى خيالنا ، وكيف تنغمس ذاكرتنا في الذكريات ؟!
عندما نفكر في المستقبل فإننا نتخيل عالماً مجهولا تطلعاً مشوباً بالأمل والأمنيات ، بأن يتحقق لنا ما قد رسمناه على صفحاتنا ومهدناه لخطنا ، ولكن تبقى المشيئة الإلهية هي الفيصل والقول الفصل في تحقيقها ، ولكن تبقى معنا تلك الآمال والتطلعات طالما أننا لا زلنا نفكر فيها يحدونا إليها الأمل ، ومالم نتجاوزها أو تنصرف عنا لتندرج في صفحات الماضي أو نتوارى عن الدنيا ، وتلك الأماني لا تزال شامخة في أفاق صفحاتنا فذهبنا وبقي التطلع والأمل لم يتحقق ، لأن ذلك لم يكن لنا ، ولكن الإنسان هكذا دائماً ذو أمل عريض .

وإما أن يكون ما نفكر فيه ويملأ ذاكرتنا ويشغل تفكيرنا قد مضى وانتهى ، وسطرت أحداثه فقد أندرج في أعماق الذكريات ، والذكرى فقط ، خلا من التطلع ، وفقد أضواء الأمل لأنه قد انتهى وفات ، وأصبح مقيداً في صفحات الزمن الغابر ، ولم يعد لنا من شيء سوى مراجعته كلما مر بنا الزمن وطوينا صفحة الأيام صفحة صفحة ونعود له مجرد استراحة زمنية لا تعدو البرهة ولا ترقي إلى الحين من الدهر ، فعند ذلك تعتلج في أعماقنا الأحداث كأنها صوراً حية تمر أمام ناظرنا لحظات متقطعة ، وكلما كانت غارقة في القدم كلما كانت صوراً باهتة وخطوطاً متقطعة كمخطوطة مر عليها حين من الدهر فتتصارع تلك الأحداث في حنايانا وتزدحم في أعماقنا مع الحنين والشوق ، والأسف والحسرة ، لها علاقة بالمنى لان الإنسان لا يخلو ولن يخلو من الأمنيات ، فيتمنى أن تعود تلك اللحظات والصفحات وأنى له ذلك ، فقد اندثرت تحت ركام الماضي المستحيل فلم يعد ذلك التفكير تطلعاً ولا أملاً ، بل قد صار ماض وأمر مقضياً ، ونسياً منسياً .
داخلنا ماض ، وأمل وتطلع ، ومستقبل مجهول تدفعنا إليه التطلعات وتجعل طريقه سهلا لنندفع نحوه رغم أننا لا نعلم بم كتب لنا منه .

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More