الاثنين، يونيو 07، 2010

لماذا الهجر ( صوت الحزن )


بعد أن تعلق بك القلب ، وطارت الروح في عنان السماء تبحث عن روحكِ التي هي الجزء الآخر منها ، والكيان القائم لها ، والدولة النافذة الأحكام وصاحبة السلطة والتشريع وسن القوانين ، فهي مكملة لها ، وكيان قد اندمجت في تكويناته ، وتحت سلطته ، وتاقت النفس وتطلعت إلى رتبة تتوج بها ذلك الحب وتزينه بدرره ولآلئه . 

لقد كنتِ صورة من أبهى وأجمل الصور التي رسمتها لكِ في ذاكرتي ، وأثبتها العقل في المخيلة ، ثم أقام لها نُصباً في غياهب الخيال ، أزورها في كل إغفاءة أحظى بها تكرماً من النوم المهاجر عني منذو أحببتكِ ، فقد هجرني ولم يعد يأتيني إلا تكلفاً في إغفاءة يسيرة يهدي إلي فيها زيارة سريعة إلى تمثالكِ المنصوب في عالمي الفكري والخيالي . ولكنه سرعان ما يغادرني ويحرمني لذة تأملكِ خيالاً ملائكياً بهية الطلعة ، جميلة الصورة ، كأنما اقطعت لكِ عندما صورتها جزءاً من جمال يوسف - عليه السلام - فأهيم بكِ من خلال الإبداع التصويري الباطن، فلم ارَ مثلك في الحقيقة ناهيكِ عن الخيال . 

في الفضاء ، بين الغيوم وفوق أعناق السحاب ، تطير روحي ، وترفرف بجناحيها تهفو إلى روحكِ التي تظن أنها هناك ،  تعانق السماء من فوق قمم السحاب ، تسير معها أينما سارت ، فتأوي إليها وتهفو ، وتأرز كما يأرز الطير إلى عشه عند المساء بعد عناء يوم غدا فيه خميصاً . فتهفو إليها لأن الأجساد خلف الأسوار قابعة ، تفصلها عن بعضها الفواصل الزمنية ، والحدود الجغرافية ، والمفاوز والقفار ، وبُعد الشُّقة ورهبة الطرق الطويلة ، فاستودعتْ الروحُ الجسدَ إلى حرارتها كي يبقى دافئاً حتى تعود من لذة اللقاء الفضائي . فتطفئ شوقاً أضرم النار في الحنايا لهيباً . 

لماذا الهجر بعدما هامت الروح في جنبات الكون باحثة عن روحكِ الزكية التي نادتها وهمست لها من خلف الغمام ، فهرعت إليها مسرعة كأنما نسلت من جدثها ونوديت إلى موقفها على أرض محشرها . 

هجرتيني بعدما أسقيتيني حبكِ وجرعتينيه جرعاً جرعاً ، من كأسكِ العذب ونهر حبكِ الصافي ،  بعدما علمتيني مفردات الحب ، وكلمات الغرام ، وصرفتي قلمي عن الكتابة في المفردات الأخرى ،  فلا أكتب إلا في الحب ولا أتحدث إلا عن العشق ومشاعر العاشقين ، فجعلت من حبكِ اتجاهاً أصوغ فيه كلماتي ومذهباً اسبك به قوانيني ودستوري ، وأقيم عليه شعار الحب وأحكامه . 
جعلتيني أنام على وحي كلماتكِ وشذى حروفكِ وصدى همسكِ ، وتخيل توهج اسمكِ في غياهب خيالي كأنه كوكب دري يتوهج في عتمة الليل في عمق السماء . 
لماذا الهجر بعدما ألف طيري طيركِ ، وهفا قلبي نحوكِ ، وعشقتُ حتى التربة التي تسيرين عليها ، والأوهام التي أتخيلكِ بها والأحلام التي أراكِ فيها خيالاً من نسج خيالي.
 ولكن اهجري كما شئتِ بسيظل قلبي يتبعكِ بين الغيوم ، وفوق السحاب ، وفي أعماق السماء ، وجنبات الكون ، وردهات الزمن . 

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More