الخميس، فبراير 20، 2014

مخلوقات من زجاج ؟





مخلوقات من زجاج ؟ من المؤكد أن لا .. ليسوا كذلك ولكنهم يرون ذلك !
أو أنهم من عين القطر إذن سيكونون رصاصاً مذاباً ، مختلطاً بالحمم ودخان النار ..
أو أنهم من عين حمئة ..! إذن ستكون أعماقهم حميماً يغلي .. ! نعم لعل هذا هو الأرجح .
قلنا كذا وفهموا هكذا .. لنا مفهومنا ولهم فهمهم .. فكل حر في تفكيره .. والكل حر في فهمه أيضاً ..
يفهم كيفما شاء ولكن لا يحق له أن يلزم أحداً بالإيمان بفهمه .

هنا حرية عقل .. وحرية تفكير .. وحرية قول .. وحرية عمل .. الكل يعمل بما لديه من مفاهيم
ومقتضيات لهذه الحقوق الواجبة له لا ينازعه فيها أحد ولا يعترض عليها أحد ..

إفهم كما شئتَ ولكن لا تنتظر من أحد أن يجاريك ويؤمن بفهمك وبما تفهم ..
وفكر كما شئتَ ولكن لا تطلب من أحد أن يفكر نيابة عنك ، أو يفكر كما تريد أنت .

حتماً ليسوا زجاجاً وليسوا من زجاج .. وليسوا مصابيح في مشاكي .. وليسوا كذلك بنقاء زجاجة
غير مصقولة .. فلو كانوا زجاجاً لكانوا أنقياء وأصفياء كما نقاء وصفاء الزجاج .

تغير الزمن وتغير من فيه .. تغيرات في كل شيء .. في كل شيء ..
حتى في أدق تفاصيله .. وأبسط أموره .. لم يعد هناك شيء بسيط ولم يعد للبساطة مكان .
لم يعد هناك براءة وطوية حسنة .. فكل شيء قد طار وحلق في العنان .

طار وهو لا يريد أن يحط على غصن .. ولا يهبط على صخر .. بل يريد أن يظل يرفرف في السماء
نحو العلو .. نحو السمو .. ولكن لا يريد أن يعرف ما هو العلو الذي يريد أن يصل إليه .. بل لا يعرف .
ولا يعلم عن السمو الذي يريد أن يسمو إليه أدنى شروطه ومتطلباته ..

فقط هكذا علو .. في علو .. في ارتفاع .. وقد نسي أنه مهما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع .
يرتفع متراً فسيقع متراً .. يرتفع قدماً .. سيقع قدماً .. يرتفع مائة ألف قدم فسيقع من ذاك العلو .

هذا إن كان يطير ويرتفع في السماء .. في الفضاء .. ولكن طيارنا هنا يرتفع ويطير في عالم المجهول
العالم الممجوج .. الكبرياء .. بل التكبر .. صدق أنه طار وعلا .. ونسي أن عاد إلى الحظيظ ..
وعاش بين الحفر .

الطائر عندما يقع من علوه فقد خانته جناحاه ، وخارت قواه .. أما طيارنا فقد خانته نفسه وأودت به
أخلاقه فوقع من علو التواضع وسمو المقاصد إلى وحل التكبر ومستنقع التفاهة والسفاهة .

أنا أكتب عندما يلتحم مع تفكيري موضوع ما .. وتخطر في بالي خاطرة ما .. كالشاعر تماماً ..
له هاجس الشعر ولي هاجس النثر .

أنا حر فيما أكتب وأقول وأعمل طالما أنه ليس هناك طرف مقصود ومن قد يتضرر مما كتبت وقلت وفعلت
والقارئ حر في الفهم ، يفهم كيفما شاء ويؤول كيفما أراد ، ولكن لا يفسر مقاصد الآخرين على هواه
وبما يمليه عليه تفكيره ، فليس له الحق في أن يقحم أحداً في فهمه سواء كان صحيحاً أو مغلوطاً .



شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More