السبت، أبريل 03، 2010

روحي وروحها سياميتان



أخذ مني الملل كل مأخذاً ، وضاقت بي الأرجاء بما رحبت ، أتصنع أي عمل لأ لهو به لعلي أنسى ولو لحظة يسيرة ، فلم أستطع ، فكلما حاولت أن أنسى أجدني أتذكر أكثر ، فقلت لعل في النوم راحة مما أعاني وأكابد ، فذهبت إلى الفراش بعد إجهاد شديد وصراع نشب بين النسيان والذكرى ، فكانت الغلبة للذكرى نظراً لضعف شخصية النسيان ، وقوة خيوط الذكرى التي تتوالى وتــنبعث من الماضي كأنها عجاجة مثقلة بالغبار أتت من بعيد ، فانـتـشرت فعمت المكان ، فلما وضعت جنبي على فراشي وأخذت إغفاءة بسيطة ، وإذا بسيل من الذكريات انهالت علي وكأنها غضبى ، وهي تقول هيهات لك أن تنام وهيهات أن يأتيكَ النوم يا هذا ، أبعد ما أسست حباً عملاقاً ، وغراماً فتاكاً يكاد يكون جنوناً ومستحيلاً ، تريد أن تنام وتنسى ؟ هيهات وهيهات - من غطس في الهوى قلبه وأمل رجوعه ذاك الاخبل بعينه - عليك أن تكون محباً صادقاً وتنسى شيئاً اسمه الغمض ، إلا ما استرقـته مقلتاك على حين غرة من الذكريات ، فهو لك ولتكن حاذقاً حتى تستفيد من تلك الإغماضة وتجعل منها ذخيرة لجسدك الذي سأجعل منه هيكلاً متهالكاً ، تسمع صرير عظامك عندما تتحرك وهي تحتـك ببعضها ، فبُهُتُّ من هذا القول ، وفزعت ونهضت من فراشي فتوالت الذكريات أكثر فهي تزيد حتى مع كل حركة أصدرها حتى أنني صرت أخشى أن أتحرك ، يا لها من ذكريات ، ويا له من حب تغذيت به وسعد به جناني وما كنت أظن بأنه سيكون عذاباً يوما . ولكن مهما ابتعدت وتوارت ، وإن ذهبت خلف الشمس ، أو صعدت فوق السديم ، أو نزلت تحت السبع الأراضين ، أو بلغت أرذل العمر ، أو توارت كما توارت الناقة والفصيل ، فستظل روحي تتبعها وتحبها وتلتحم مع روحها في عالم الأرواح ، أو الأشباح ، أو الأموات أو الأحياء ، أو في أي عالم ذهبت ، وفي أي أرض سكنت . لأ نني حاولت وجربت أن أدعو روحي لأ فصلها عن روحها فوجدتهما سياميـتـيـن لا تنفصلان وإن انفصلتا ستموتان لا محالة . ( م. أ ف )

0 التعليقات:

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More