الأحد، سبتمبر 28، 2014

إغفاءة للذكرى وسنوات الخلود .


سأخلدُ إلى نوم عميق أسبحُ في لجج بحره وعتو أمواجه
، وسأتخذُ من قمم أمواجه مطية تقذف بي نحو زمن سحيق
تتجاذبني أمواج الذكرى وعواصف الحنين ، وصور من الماضي
تتعاقب على شريط آفاق الزمن ، وترفرفُ على شجيرات الصيف
العاريةِ ، وتهبط مع أوراق الخريف المتهادية نحو الأعماق لتستقر
في ساحات الذاكرة ، تعزف على أوتار الحنين معزوفة النوى ، وتردد
ألحان الشجى المدوي بين قضبان الحنايا بصوت شاحب ملؤه الأحزان
والأشجان .

سأفتح في إغفاءتي سجلات السنين الغابرة ، وأقرأ تلك اللحظات العابرة
وأجدد مراجيع حب على نواشر معصم الأيام ، وحيطان الفؤاد
، لعل أجزاء من تلك الصور يعود من سنوات الخلود ، وتنطلق
الذكرى في أقطار الكون بحثاً عن روحي الأخرى التي هاجرت
منذُ عقود ، وهجرت الروح وضلتها في ضجيج الأيام وعتمة
الليالي .

سأزور في أحلامي الأطلالَ وأعلو مشارفها ، وعلى شاطئ
وادينا سأعيد زرع الورود وسقيا الأغصان ، وأنصت إلى
الطيور الجذلة بترجيع أعذب الألحان ، وأعمرُ عش الزهور
والورود في وادينا من جديد ، وسأرسم فيه لها تمثالاً
وأتخيل لها طيفاً وأتحدثُ إلى الطلل البالي همساً كي لا أستيقظ
من إغفاءتي ويعود زمنُ الفراق من جديد .

سأكبح جماحَ العقل والفكرِ ليبقَ في الماضي حبيساً لا طليق
الحاضر الممجوج ولا منتظرَ المستقبل المجهول ، وسأعيشُ
في محبس ماضي الخلود ، وأنا في أقصى المستقبل وأدنى
الحاضرِ .

سأعيش الزمنَ الغابرِ بكل تفاصيله ودقائقه ، ولن أصغي
إلى نداءات الحاضر ولا إغراءات المستقبل الغامض
لأن الحاضر لم يعد سوى مستنقعٍ آسنٍ تغير لونه وطعمه
وفاحت رائحته النتنةُ وأفسدت عطر الزهور وأذهبت جمال
الورود ، أو مستقبل مجهول كقطع الليل المظلم كلما اقترب
منا أو دنونا منه زادت بنا الحيرة وأبحرت النفس في
غياهب الغموض وتجشمت متاعبَ التوجس والترقب وتبلبلت
في أوحال الريبة والظنون .

0 التعليقات:

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More