الأربعاء، سبتمبر 01، 2010

رسم الخيال


قد نأوي إلى الفراش ، أو نتوسد عضد ، في لحظة راحة للنفس من عناء يوم شاق ، أو عمل مضنٍ ، أو تتوارى عقولنا في أستار نوم عميق ، فنخلد إلى الراحة والطمأنينة ، وفي تلك الأثناء نطلق العنان لمخيلتنا وذاكرتنا فتبحر في عالمها الخاص ، وتأخذ معها أرواحنا وتخيلاتنا ، فتارة تتوارى في حجب الماضي السحيق ، وتارة تعبر جسور الخيال العتيق ، وعالم الرسم الخيالي البديع الذي لا يستطيع أحد أن يتكهن به سوى تلك الذاكرة التي تدور بين عظام جمجمة الرأس كما نتصور ذلك ، وإن كنت أؤمن بأنها روح تنطلق في عالم الخيال كأنها هواء أو سحابة ثقيلة محملة بالغيث والبرد تسير ببطء شديد في عنان السماء ، فتجوب تلك الذاكرة عالمنا الخيالي ، فننقاد خلفها أو نسير معها وهي تلقي إلينا بحدود الصور ومعالم الكيفية التي يجب أن نرسم فيها لوحاتنا الخيالية الفنية ، التي نضعها لأشخاص قد نعرفهم أو لا نعرفهم ، فنبدأ نرسم لهم لوحات فنية خيالية كما نشاء ، ونبهرجها ونرصعها بشتى أنواع الفسيفساء الجمالية ، الخيالية ، وخطوط الجمال والإبداع اللامتناهي ، حتى تبدو تلك الصور للأشخاص الذين نعنيهم وأدخلناهم إلى عالمنا الروحي والجمالي في أبهى وأجمل صورة ، لأننا نحن من رسمناها كما نريد وتأملنا أن تكون كذلك ونتمنى ذلك ، فنعيش معها في عالم بديع وجميل ، لا يراه أحد سوانا . 

ورغم أننا لا نعرف هؤلاء الشخاص تماماً بل أبداً إلا أننا تعرفنا عليهم عبر وسيلة ما وارتبطنا بهم بطريقة ما فأخذنا نرسم لهم تلك اللوحات الجميلة ، ونحتفظ بها في ذاكرتنا ونجعلها في واجهة أيامنا وحياتنا ونحن نريد أن تكون صورة ناصعة جميلة ، فما نلبث أن ننطلق ونخرج من عالم الخيال إلى عالم الحقيقة وقد علقت تلك اللوحة في عقولنا وبقيت خطوطها ماثلة أمامنا فننطلق في الحقيقة للبحث عنها ، وفي نفوسنا شيء من الوجل والخوف بألا تبدو لنا تلك الشخصيات التي رسمنا صورها وهمياً في خيالنا كما نريد ونشتهي ، ونبقى حينها نردد أسئلة محيرة ولا نعلم كيف نجيب عليها عندما نجد شخصيتنا على أرض الواقع والحقيقة ، ونخشى أن تظهر بخلاف ما رسمناه لها ، ونتساءل ماذا سيكون موقفنا لو رايناها ووجدناها أقل من رسمتنا الخيالية ، هل سنعترف ونعرف بأنفسنا أمامها أم نواصل السير بجوارها دون أن تعلم أننا من رسم شخصيتها وحبر ومثل جمالها وظلل خطوطها وكحل عينيها ، وحمر خديها ، وأضمر خصريها ، ومشق قامتها ، وجعلها تتثنى غنجاً ، وتميل طرباً ، وتتيه حسنا . 

وماذا لو وجدناها أجمل مما كنا نتوقع ، ونجد أن رسمنا قد اختزل الكثير من تلك الجماليات والمحاسن ولم تظهر لنا ذاكرتنا ومخيلتنا تلك المفاتن التي رايناها للتو .

إننا نتخيل ونرسم ، ونرسم ونتخيل ، ويختلف الحالان بين هذا وذاك ، فعندما نتخيل لنرسم نجهد أنفسنا وخيالنا بالخوض في أمواج الجماليات والإبداع لتظهر رسمتنا كما نريد ، أما عندما نرسم لنتخيل فربما ننفذ ذلك على عجل فتظهر الصور أقل مما نريد أو يريد الآخرون . 

ولكن الصور الخيالية هي الجمال وهي الباقية مهما ظهرت الشخصية في الحقيقة وستبقى من أجمل الأشياء والصور الماثلة أمامنا لأنها قد ارتسمت في عقلنا الباطن ورسخت في حنايا النفس .

الثلاثاء، أغسطس 17، 2010

من الخطاب إلى الغياب ( صراع بين الكينونة واللاوجود )



من الخطاب إلى الغياب

( صراع بين الكينونية واللاوجود )

إنها السنن تخط أقدارنا وتحدد مسارها ، وترسم طريقنا على شرعتها ومنهاجها ، لا يحيد عنها أحد ولا يستطيع أن يعذلها أو يغير في قوانينها ، أقدار كتبت في الأزل وآمال نتطلع إليها ونسير نحوها على عجل ، فمنا من يجدها ومنا من يراها قد عادت إلى غياهب الأزل ، وصارت عنه في معزل ، فيقف مكانه في حيرة ووجل ، لا يستطيع أن يصل إليها ولو كثرت لديه الحيل .

كنت أخاطبها بأناجيكِ وأعشقها بأعشقكِ ، وأحبها بأحبكِ ، وأهواها بأهواكِ ، وأغار عليها بأغار عليكِ ، حتى اندمجت الروح في عالم الخيال بخيال أمل وصنعت منه كينونة موجودة تسعى نحوها لتحظى بها وتحققها ، كانت الروح تسبح في عالمها وترفرف نحوها بجناحيها ، حتى تجدها في مكان ما من ذلك الفضاء الواسع ، كانت ترى روحها على خط الأفق البعيد ، تتوهج بضياء هادئ حالم ، كأنها كوكب دري ، فتهفو إليها كما تهفو الفراشة إلى بصيص الضياء وتحلق نحوه وتحط عليه ، أو من حوله .

فلما وصلت إليها وجدتها مجرد ضياء وهمي قد زالت عنه هدأته وروعته وضعف توهجه ، وبهتت صفحته ، فتقدمت إليه ومدت يدها لتلمسه وتتحسس جسدها وتشعر بدفئها ، فإذا به ظلمات ورعد وبرق ، كلما أضاء لها تقدمت نحوها خطوة وإذا أظلم توقفت مكانها ، حتى استعادت يدها فإذا بها قد احترقت ، ونظرت إلى تلك الروح قد ولت وهربت ، وتوارت من جديد ، وانطلقت إلى عالم اللاوجود ، وسكنت فيه إلى الأبد ، وتركت فضاءها بما فيه ، كانت تعيش فيه مجرد سراب تبدى في أرض خراب ، فعادت الروح منكسرة محترقة ، باهتة اللون شاحبة الوجه ، نحيلة الجسد ، خائرة القوى محطمة النفس ، خائبة الأمل .

فتحول الخطاب فأصبحت أناديكِ أناديها ، وأعشقكِ كنت أعشقها ، وأحبكِ كنت أحبها ، وأهواكِ كنت أهواها ، وأغار عليكِ كنت أغار عليها . وانقلب الخطاب من الخطاب إلى الغياب حتى انتهى تماماً وانكفأت النفس وعادت تلملم شعثها وتجبر كسرها ، وتحضن جسدها وتعزيها .

وهكذا انتهى ذلك الصراع الدائر بين أن تكون الكينونة موجودة أو يكون الوجود لا وجود فكانت الأخيرة ، وانتهت الكينونة وذابت في عالم اللاوجود .
فوداعاً لها أبدياً يبقى خالداً على مر العصور ، وإن أشرقت شمسها مرة أخرى ، فيكون جسراً مثلوما يخر عندما تريد العبور ، وسوراً عالياً وسداً منيعاً ، فقد عزت النفس وتعزت ، وضمدت جراحها وإن لم تندمل ، وبقيت تحت رماد الزمن تهيج في كل حين في صور من الذكرى المؤلمة ، وأحلام قاتلة ، وآمال باهتة غامضة .

ووداعاً أبدياً لا لقاء بعده كما ودع القيصر آسيا الصغرى بعدما لاح نور أضاءت له بصرى من أرض الشام ، ووداعاً كما ودع كسرى عرش فارس بعدما خمدت النيران وسقطت شرفات الإيوان ، ووداعاً ياملهمة كانت تتنقل بين سطوري كما تتنقل الفراشة بين الورود والأزهار . ووداعاً كما ودعت الروح الجسد وشخصت إلى بارئها .

وسلام عليها وإن رحلت ، وسلام عليها في غيابها ورحيلها ، وحياتها وموتها ، وفي الجب الذي هبطت إليه وفي العالم الذي انضمت إليه . - وسلام عليها يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث - مرة أخرى .


الثلاثاء، أغسطس 10، 2010

لا تعودي



لا تعودي فقلبي جرح غائر ولن أسكنكِ بين الجراح .
لا تعودي فقلبي في جناحي طائر وبلا مأوى ولا مراح .
لا تعودي فقلبي من جفاكِ حائر فكيف تعودي إلى صخب النواح .
لا تعودي فقلبي لعشقكِ هاجر وإن لم يكن 

لي عن هواكِ براح .
سكن القلبُ وانطوى على جرحه 

فلا تعودي لنكء الجراح .
سهرتُ .. انتظرتُ عودتكِ لأشكو إليكِ هجركِ وحبكِ .. وصدكِ ..
فطال غيابكِ فهام فؤادي وما استراح .
عجباً كيف عشقتكِ في الغيب وفي المجهول همتُ بكِ وتناغم همسي مع همسكِ
ورأيتُ في وهج اسمكِ ضياء الصباح .
تواري وللأبد اختفي واتركيني أهيم بكِ وحيداً ولا تعتذري إن تذكرتِ يوماً أنكِ من نكأ الجراح .
وتذكري أنكِ قد قلتِ يوماً أنكِ قد أزلتيني من مساحاتكِ وأزلتِ من ذكرياتكِ صورتي وهجرتِ قراءة رسائلي وخواطري فيكِ فلا إعذار ولا سماح .

فقلتُ جدلاً إنها من الغضبِ فورة ومعاتبة العشاق فزاد قلبيَ بكِ كلفاً .. وتحدر دمعيَ على أوجاني ، وتعالت في الصدرِ حشرجة وأظلم في عيني الصباح .
وإن عدتِ فلن أهجركِ ولن أخذلكِ وستهفو إليك النفس ويطير القلبُ إليكِ فرحاً ثم يموت من صحوِ الجراح .
ويكبو وهو في الطريق إليكِ لأن كاهله بالأحزان مثقلة .. ومن جراحه قواه خائرةٌ .. وأنا من ظلمكِ جثة هامدة .. وكياني دولة متهالكة .. دنى من زوالها حكمُها كما يدنو من الليل الصباح ..

فماذا تريدين من عرش أنتِ من قوض حكمه وأهدرتِ قوانينه وشريعته .. وعثتِ في أرجائه ورسمتِ على جدرانه دمية الأتراح ..

الثلاثاء، يوليو 27، 2010

ما الذي يحدث فينا ؟

أشعر هذه الأيام أنني ليس كما أنا فيما مضى ، أجد الكلمات كأنها غاضبة مني تتمنع عني لا أدري لماذا لم أعد أشعر كما أنا لا أدري هل هو المرض أم تلك الهموم التي أجدها تنوء بي وتثقل كاهلي وتقض مضجعي ثم استولت على صفاء الفكر عندي حتى صرت أبحث عن أسباب الكتابة على غير عادتي .. 



ما الذي يحدث فينا عندما نصبح عاشقينا .. عندما يصبح القلب تائهاً في دروب العاشقينا
عندما يتألم عندما يردد لحناً شجينا .. عندما نهوى كلمات العشق ونألف العزلة حينا .
ما الذي يحدث فينا عندما يصدح العصفور بألحان الحنينا .. عندما يبلل الأزهار ندى في ليالِ العاشقينا .. وتهب نسمة الوادي وضياء البدر يبعث الأشجان فينا .
عندما يسكن الليل وتسري لوعة الأحزان فينا .. واللهيب في الحنايا وذكريات تعزف لحناً حزينا .
ما الذي يحدث فينا عندما تأوي إلى الغروب شمسنا وطوتنا آهات السنينا ..
فيا لوعة الفؤاد وياكربة من فرقى الضنينا .. 
ما الذي يحدث فينا عندما تتعاقب الأيام علينا .. وتنطوي في عالم النسيان ذكرى العاشقينا
عندما تغرد الأطيار فرحاً وتهيج الأشجان فينا .. فنعود للذكريات وحنينها ثم نبشت ما قد نسينا .. 
عندما يسري في سماء الأنس بدر يبدد الليل الحزينا .. عندما أنظر إلى وجنتيه لم يكن ذلك الوجه طينا ..
بل ملاك خلق من نور يتلألأ  ويسر الناظرينا .. فأظل فيه في تأمل حتى أخشى عليه الناظرينا .
ماذا يحدث فينا عندما نصبح عاشقينا .. فيعود القلب طفلاً صغيراً ينشد الحب والوصل في صخب الأنينا .

الاثنين، يوليو 26، 2010

وبعد يا باهي المحيا ما سبب نقض العهود ياباشات الغزلان يامن لك جميع الغيد جنود .
خليتني سهران وارضيت العواذل والحسود تركتني في حبك اجري في التهايم والنجود
أهيم في الوديان من هجرك وفي راس الحيود فما سبب تنكر محبك من بروحه لك يجود .

وانا مرجي أن اقبالك وحبك لي يعود تسامح المملوك ولو قد كان عقر ناقة ثمود .
لو خيروني في من نعمان لداخل زرود والروم وارض الصين ما فيها جميع وارض الهنود
وارض اليمن والشام إلى اطراف العجم وارض السنود .. ما اخترت إلا أنت يا من طالعك سعد السعود
جعلت حبك مذهبي بين الشوافع والزيود .

السبت، يوليو 17، 2010

شمسي بين البزوغ والأفول ..

( أعتذر من أحبابي وقراء مدونتي الكرام عن الانقطاع الذي حدث وربما أنه سيستمر قليلاً نظراً لبعض الظروف التي طرأت ولكن لن يدوم بإذن الله وسأعود ولكن بإشراقة أخرى ... ( سيكون لي رد يليق بذلك التعليق الكريم إن شاء الله ) .

لم أعد أشعر أنني أريد التحدث عن الحب ، رغم أن بين جوانحي قلب محب ، وفي جسدي روح على جناحي طائر تبحث عن روح أنثى مفقودة من كياني ، ولدت لتكون قدري وعذابي ، ومأوى لفؤادي .
أحببتها كما هي في عالمها المجهول ، لا أدري كيف هي هل هي جميلة ، وهل هي بيضاء أو سمراء أم بين ذلك ، ولكنني رغم ذلك أحببتها ، قد يبدو ذلك غريباً للبعض من الناس ولمن لا يدري عن كيفية ذلك وقد يصمني بالجنون ...

أحببتها في الوجود واللاوجود ، في الكينونة والعدم ، في السر والعلن ، أحببتها خيالاً ، أحببتها وهماً ، أحببتها نسياً منسياً ، أحببتها بشراً سوياً ، أحببتها أنثى غامضة ، أحببت طيفها يعانق  السماء ، أحببتها كظلي حين يلازمني . 

ولكن رغم كل هذا الحب الذي كان ولا يزال لم أعد أجد الرغبة في الكتابة عن عشقها أو حبها ، لم أعد أشعر بالكلمات تنساب إلي من أجلها ، أشعر بأن نهراً كان ينساب إلي من شطرها قد نضب وجف ، وتناثرت الكلمات وتبعثرت ، وجفت الأوراق وارتفع اليراع ، لقد دنت شمس حبي من الأفول وآذن ليل طويل بتكفير عالمي والانسدال على حياتي ، ولفي في ردهات الغموض ، وزجي في طرقات الماضي الباهتة المتهالكة . 

أتيت من عالم مجهول وسأعود إليه كما تعود الطيور إلى أعشاشها عند المساء ، ولكن ليلي سيطول وستطيل شمسي السير نحو الشروق وربما ستتوقف وتمتنع عنه إلى الأبد . 
ولكنها ستتيح للقمر البزوغ في سمائي بنوره الهادئ الحالم ، وترسله يشق عنان السماء يسير بين الكواكب والنجوم والثريا في جنح الغياهب ، يبدد ليلاً طالما كان حالكاً ، بأنواره الباردة الهادئه ، وصفحته الجميلة الوديعة ، فيستقر فوق أطلالي فأدون على نوره مذكراتي وأشتكي إليه آلامي ، وأتخذه صديقاً وحبيباً وصاحباً وخليلاً ... 
سيبقى عالمي ليلاً يسلبه القمر سكونه ، ويكسوه بوقاره وهيبته وهدوئه .. وسأخالف امرأ القيس في قوله : ألا أيها الليل الطويل ألا انجل بصبح وما الإصباح منك بأمثل وسأقول : ألا أيها الليل الطويل فلتبق كاسياً للكون ولا تدع القمر يغادر إلى مغاربه واقتبس من نوره ، ودعني أرقبه يتخلل الأشجار ويشق الغيوم  ويتخللها بطلعته الجميلة .

الأحد، يوليو 11، 2010

ليال البعد





عذبيني ياليال البعد والهجر المجيد 
عذبيني وعذبي قلبي اصنعيني من جديد

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More